Hükmi Yollar
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
Yayıncı
مكتبة دار البيان
Baskı Numarası
بدون طبعة وبدون تاريخ
مَعَ تَقْدِيرِ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ، وَالرِّزْقِ، وَالْأَجَلِ، وَلِذَلِكَ جَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَرْبَعِ فِي الْحَدِيثِ «فَيَقُولُ الْمَلَكُ: يَا رَبِّ، ذَكَرٌ؟ يَا رَبِّ، أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ» .
وَقَدْ رَدَّ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ إلَى مَحْضِ مَشِيئَتِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: ٤٩] ﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا﴾ [الشورى: ٥٠] .
وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ - وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ السَّبَبِ بِذَلِكَ - إذَا عَلِمَ كَوْنَ الشَّيْءِ سَبَبًا، دَلَّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ بِالْعَقْلِ وَبِالنَّصِّ، وَقَدْ قَالَ ﷺ فِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ: «مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا - أَوْ سَبَقَ - يَكُونُ الشَّبَهُ» فَجَعَلَ لِلشَّبَهِ سَبَبَيْنِ: عُلُوَّ الْمَاءِ، وَسَبْقَهُ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَعَامَّةُ الْأَحَادِيثِ إنَّمَا هِيَ تَأْثِيرُ سَبْقِ الْمَاءِ وَعُلُوِّهِ فِي الشَّبَهِ، وَإِنَّمَا جَاءَ تَأْثِيرُ ذَلِكَ فِي الْإِذْكَارِ وَالْإِينَاثِ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَحْدَهُ، وَهُوَ فَرْدٌ بِإِسْنَادِهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي فِيهِ الشَّبَهُ بِالْإِذْكَارِ وَالْإِينَاثِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا يُنَافِي سَائِرَ الْأَحَادِيثِ، فَإِنَّ الشَّبَهَ مِنْ السَّبْقِ. وَالْإِذْكَارَ وَالْإِينَاثَ: مِنْ الْعُلُوِّ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَتَعْلِيقُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ لَا يُنَافِي تَعْلِيقَهُ عَلَى السَّبَبِ، كَمَا أَنَّ الشَّقَاوَةَ وَالسَّعَادَةَ وَالرِّزْقَ مُعَلَّقَاتٌ بِالْمَشِيئَةِ، وَحَاصِلَةٌ بِالسَّبَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اعْتَبَرَ الشَّبَهَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَهَذَا مُعْتَمَدُ الْقَائِفِ، لَا مُعْتَمَدَ لَهُ سِوَاهُ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ «إنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَاعْتَبَرَ النَّبِيُّ ﷺ الشَّبَهَ وَجَعَلَهُ لِمُشَبَّهِهِ.
1 / 186