الاتفاقية الصحية الدولية 21 / 6 / 1926. (8)
اتفاقية البريد العامة 10 / 7 / 1947.
إلخ ... إلخ ...
وهكذا لم تمح شخصية الدولة التونسية من الميدان الدولي. (1-3) الاستقلال الداخلي
إن معاهدة 1881 سمحت لفرنسا باحتلال تونس عسكريا حسب البند الثاني، ولكنها لم تمنحها حق التدخل في شئون الحكومة ولا في تشريعها ولا في سلطتها التنفيذية، فلما وجدت فرنسا نفسها عاجزة عن السيطرة شعرت أن مقاليد الحكم في البلاد بقيت كلها في يد الباي وحكومته، أجبرت الأمير الجديد علي باي على عقد اتفاقية ثانية معروفة باتفاقية المرسى (8 يونيو 1883) عامين فقط بعد معاهدة باردو.
فذكرت فيها لفظ «الحماية» للمرة الأولى، وإنها وإن لم تغير جوهر ما جاء في المعاهدة الأولى وأبقت السيادة التونسية غير منقوصة قانونا، إلا أنها فتحت أبوابا واسعة للاعتداء المتوالي منذ ذلك الحين على السيادة الداخلية التونسية، إلى أن بلغت في آخر الأمر إلى الحكم الفرنسي المباشر في تونس. وقد كانت فرنسا تعتمد دائما على البند الأول من اتفاقية المرسى لتقضي على الذاتية التونسية شيئا فشيئا، وهذا نصه:
لما كان غرض سمو الباي المعظم أن يسهل للحكومة الفرنسية إتمام حمايتها، تكفل بإدخال الإصلاحات الإدارية والعدلية والمالية التي ترى الحكومة المشار إليها فائدة في إدخالها.
فكان كل ما تفرضه فرنسا من تحويرات تدعي أنها إصلاحات، وإنما هو في جوهره قضاء على السيادة التونسية ، وسعي في أن تحل محلها السيادة الفرنسية، سواء في الميدان الحكومي أو الإداري أو الاقتصادي أو الثقافي.
ولكن اتفاقية المرسى نفسها رغم ما تحمله من أخطار لم تنتزع شيئا من السيادة التونسية؛ لأن جلالة الباي لم يتنازل عن شيء من سلطانه لفائدة فرنسا، وإن التزامه بإدخال ما تراه فرنسا من إصلاحات لم يسلبه سلطته التشريعية؛ إذ بقي هو المشرع الوحيد الذي بيده سن المراسيم الإصلاحية. وقد اقتصرت اتفاقية المرسى على ذكر الميادين الإدارية والعدلية والمالية، فاعترفت ضمنيا بأن الإصلاحات السياسية والدستورية خاصة خارجة عن نطاقها، وأن من حق جلالة الباي أن يقوم بما يراه منها، ما لم يعارض المعاهدات التي تتعرض لها، بل لم تشر إليها أصلا في الواقع، فليس إذن لفرنسا حق معارضة أمير تونس فيما يريد منحه لشعبه من أنظمة دستورية ديمقراطية.
فمن الواضح أن تونس احتفظت بسيادتها الداخلية، وأن تراب تونس غير التراب الفرنسي قانونا، مستقل عنه، وأن أرض تونس أرض أجنبية بالنسبة لفرنسا، لا تطبق فيها القوانين الفرنسية إلا إذا اصطبغت بصبغة تونسية؛ أي بعد أن يصدرها جلالة الباي كمراسيم ملكية تحمل توقيعهم، فالتشريع التونسي قانونا وواقعيا مستقل عن التشريع الفرنسي.
Bilinmeyen sayfa