140

İsyan Eden Tunus

تونس الثائرة

Türler

وقد بلغت الحماقة والاستفزاز غايته في كل مكان، وأصبح الفرنسيون ينغصون حياة التونسيين بجميع الأساليب ويضيقون عليهم أنفاسهم، وإن ما وقع ببلدة بنزرت مثال من آلاف الأمثلة.

عندما كان الشاب عثمان بن محمد مؤمن من سكان منزل جميل - وعمره 17 عاما - مارا بشوارع مدينة بنزرت في قضاء بعض شئونه، وذلك يوم 9 مارس؛ إذ وقف أمام السينما «ماجستيك» متأملا في الصور المعلقة، وإذا بشرطي فرنسي يصيح به: در! ارفع يديك! ماذا تفعل هنا؟ وأثناء تفتيشه وجد عنده مبراة صغيرة، فقال له: لماذا تحمل هذا السلاح غير المرخص به ، فأجابه الشاب: هذه مبراة صغيرة أبري بها قلمي وهي لا تتجاوز الثلاثة أصابع، وإذا كانت هذه المبراة تعتبر سلاحا غير مرخص به، فلماذا تباع في كل مكان؟

فما كان من البوليس إلا أن قاده إلى المركز وزج به في السجن، وعندما حضر رئيس مركز البوليس أتي به واستجوبه طويلا فيما لا ينتمي إلى قصة المبراة. وفي الساعة العاشرة ليلا أطلق سراحه.

فخرج محتارا مفكرا، إلى أين يذهب؟ وعند من يأوي؟ حتى عثر عليه رجل فقال له: أراك حيران يا بني، فما الذي دهاك؟ فحكى له ما جرى، وقال: إن عائلتي بمنزل جميل وليس لي أحد بمدينة بنزرت، وبيننا وبين بلدتي البحر، وقد فاتني وقت الرجوع وانقطعت المواصلات في هذه الساعة المتأخرة، وتوقفت «القنطرة المتنقلة» عن عبور البحر، فأخذه الرجل معه إلى بيته فنام مع أبنائه، ولا تسل عما حدث لعائلته من أجل غيابه وخاصة لوالدته الأرملة.

وأصبح الجنود الفرنسيون قطاع طريق. (15) السرس

في مساء يوم الأحد الثاني من مارس كان عامر بن محمد دباش، وأخوه سالم والعياشي خلف الله، يقضون السهرة بالفندق القديم على بعد ثمانية كيلومترات من السرس بطريق مكثر، وكان برفقتهم محمد الأشهب معلم بالمكان، والعادل بن العبيدي والهادي بن السخري وعلي بن عزوز والطاهر القداش ... وغيرهم؛ إذ دخل عليهم فجأة - حوالي الساعة التاسعة والنصف - أربعة من الجنود شاهرين بنادقهم وخناجرهم، وأدخلوهم تحت تهديد السلاح لمستودع بضاعة داخل المحل، وشيعوهم بعبارات السب والشتم. وبعد دقائق خرج الجنود وامتطوا سيارتهم، ولاذوا بالفرار وأخذوا معهم ما وجدوا من دراهم في الصندوق؛ أي 95000 فرنك وكمية من لفائف التبغ.

وفي صباح يوم الاثنين 3 مارس أصبحت قرية السرس مضربة عن العمل، احتجاجا عما تسترسل عليه القوات العسكرية من السرقة، التي أصبحت مباحة في وسط شعب أعزل.

وإن الفرنسيين لا يرحمون مريضا ولا امرأة حاملا ولا جريحا، وتحجرت قلوبهم حتى أصبحت أكثر قسوة من الصخر ؛ فقد وقع إيقاف السيد عمر بن سليمان التجاني من مشيخة «لاله» بعمل قفصة يوم 15 فبراير 1952، وكان جريحا، وقد جيء به يوم السبت 8 مارس إلى المستشفى العسكري في حالة احتضار، وقد أسلم الروح صباح يوم الأحد في التاسعة متأثرا بجراحه التي لم تعالج في الإبان.

وقد شنت القوات العسكرية الفرنسية والدرك والبوليس الفرنسي حملات متوالية على القطر كله لاعتقال عدد كبير جدا من السكان، لا لذنب اقترفوه ولكن لمجرد الترويع، فيخلفون وراءهم حيث ساروا العويل والبكاء، ويقضون على عائلات كاملة بالجوع والمسغبة عندما يلقون القبض على مموليهم. فلنذكر على سبيل المثال:

منزل جميل: السيد محمد البسطي أمين مال نقابة الفلاحين المنتجين.

Bilinmeyen sayfa