غض به من محله، ولم يقبض عليه مراعاة للمودة بينه وبين أبي القاسم بن الحواري. فلما قبض على ابن الحواري أنفذ المحسن أبا غانم كاتبه حتى قبض علي ابن مقلة وقيده، وقد شرحنا حديثه في أخباره. وأما أبو القاسم علي بن محمد الحواري فإنه تأخر عن تهنئة ابن الفرات في صدر نهار يوم الجمعة، وراح إليه في آخره، وأطال عنده، وآنسه ابن الفرات وشاوره في أموره، وخلا به خلوة طويلة اعتمد فيها سكون نفسه، وراسله ابن الفرات فتحقق بخدمته وأظهر السرور بولايته مع ما اعتقده باطنًا من مخافته، وقد كان أصحاب ابن الحواري أشاروا عليه بالاستتار عن ابن الفرات وقالوا له: إن الخليفة لم يكتمك أمره وما عزم عليه من تقليده مع ما يعرفه من العداوة بينكما إلا لسوء رأي فيك. فلم يقبل ذلك وقال: لو كان الأمر على ما قلتم لقبض علي قبل إخراجه إياه وإظهار أمره، وما أرى أن أنكب نفسي بسوء الاستشعار مني. لكنه ستر حرمه وولده واستظهر بعض استظهار في رحله وماله. وركب ابن الحواري إلى دار السلطان وحضر ابن الفرات وأذن له ولم يؤذن لابن الحواري. فاستوحش من ذلك، ثم صرف الأمر إلى أن ابن الفرات قد شرط على المقتدر بالله أن يجريه على رسمه في وزارته الثانية، فإن ابن الحواري لم يكن يصل معه ظاهرًا وإنما كان يصل سرًا. فلما خرج ابن الفرات من حضرة المقتدر بالله وجلس في الدار التي أفردت له للنظر في أمر القواد والحواشي دخل معه
1 / 45