وحكى ذلك عز وجل عن جميع أنبيائه -صلوات الله عليهم- كما حكى في سورة هود عن نبيه نوح:{وياقوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله } ، وعن هود:{ياقوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني } وحكى في سورة الشعراء صفة واحدة عن جماعة من أنبيائه: {فاتقوا الله وأطيعون ، وما أسألكم عليه من أجر} .
فجعل نفي ذلك عن نفسه ثالثا للأمر بتقوى الله وبطاعته، وما شأن حكم الشريعة فيما يأمر أو ينهى عنه، إلا حكم المبلغ لحكم الله، والمرشد لعباده إلى أمر الله، سواء تولاه بنفسه أو بعث عليه نايبا، كما هو كذلك في حق الأنبياء-صلوات الله عليهم- ومن يبعثونه من الرسل للتبليغ عنهم، بل تعلق التهمة والعياذ بالله لمن انتصب لفصل شجار المسلمين، وتصدر للحكم بنفس أو مال لرجل على آخر أعظم من تعلقها بمن لم يكن إلا متجردا للدعاء إلى الله، والنهي عن عبادة غير الله، مع اقتران تأييد الله له على التصديق والتنزيه بالمعجزات الباهرة، والآيات الظاهرة، كما لا يخفى ذلك على من تأمل بل أشار[14/ب]إلى ذلك عموم صفة النبي بأن يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وعموم قوله صلى الله عليه: ((هدايا الأمراء غلول )) مع أن في كل من العمومين خصوصا معنويا لكنه في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن التهمة نادرة.
Sayfa 150