ومما سمعت من حي القاضي الخبير في القضاء، الألمعي في الاستنباط والإمضاء، عبدالهادي بن أحمد الثلائي المعروف الحسوسة-رحمه الله-، وقد سمع من بعض الأصحاب الخوض في التفضيل كما يحصل في المجالس من القال والقيل، إن قال: اعلموا يا أصحاب أن الأمور إلى الله سبحانه، والخيرة بيده، فلا يستعظم الكبير، ولا يستحقر الحقير، فإن الأمر لله العلي الكبير، أو لا ترون أن الإمام الشهيد أحمد بن الحسين -عليه السلام- اتفق أهل زمانه أنه أكثرهم علما، وأرجحهم حلما، غير أن في سيرته ما يخالف الصواب، فهو لأجله غير فاضل [ولما علم الله سبحانه منه خلاف ما قالوا نشر فضله في الآفاق] ومع ذلك يزداد إلى يوم التلاق حتى أنهم الآن لا يلحقون به أحدا ممن سبقه من الأئمة -عليهم السلام- ولا ممن لحقه، وكذا حي الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى -عليه السلام-، اتفق أهل زمانه على فضله وأنه السابق في محامده ونبله، غير أنه قاصر في فقهه، وإن كان عربيا مفسرا ومحدثا، ونحو ذلك فنشر الله فقهه في الأرض، ورجع إليه أهل عصره ومن بعدهم[4/ب]في السنة والفرض، أو كما قال -رحمه الله-. وهذا الآتي من ذاك، فإن علماء عصر مولانا -عليه السلام-شهدوا له بكل فضيلة، وأنه المعصوم من كل رذيلة، إلا النهوض في العزيمة في المضاء والزجر، فأظهر الله سبحانه وتعالى ما أغمضوه ، ونشر في الآفاق ما أنكروه، حتى فتح الله تعالى عليه الأرض ذات الطول والعرض، بما لم ينله أحد من الأئمة -عليهم السلام- فكم مخافة به أمنت، وكم مفازة خالية سكنت، وكم ضلامة به رجعت، وكم شريعة به رفعت، وكم بدع به قطعت، والحمدلله على ما أعطى، والشكر والمن على ما أولى، وذات يده وهو في كلها واضح الجبين، قليل على الصبر عليه القرين، ومن ذلك قيامه -عليه السلام- في عصابة يسيرة وقد حشدت عليه العساكر من صنعاء وشهارة وغيرهما، وأيضا مع تفرق أصحابه وقلتهم فخرج من الحصن المحروس في أنفار للقاء تلك العساكر المتكاثرة، وغير ذلك مما يشهد له بالثبات.
Sayfa 106