45

Tuhfat al-Ahwadhi bi Sharh Jami' al-Tirmidhi

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1410 AH

Yayın Yeri

بيروت

رَأَى النَّبِيَّ ﷺ مُسْتَقْبِلًا بيت القدس مُسْتَدْبِرًا الْقِبْلَةَ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اِسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا حَوِّلُوا مَقْعَدِي إِلَى القبلة رواه أحمد وبن مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ
وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ الِاسْتِدْبَارَ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ بِحَدِيثِ سَلْمَانَ يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ
الْحَدِيثَ
وَاحْتَجَّ مَنْ حَرَّمَ الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ فِي الصحراء وأباحهما في البنيان بحديث بن عُمَرَ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَبِحَدِيثِ مَرْوَانَ الْأَصْغَرِ قَالَ رأيت بن عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ بَلَى إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ
فَهَذِهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ بِالْجَوَازِ بَيْنَ الْبُنْيَانِ وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ وَسَلْمَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَرَدَتْ بِالنَّهْيِ فَتُحْمَلُ عَلَى الصَّحْرَاءِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ لَا يُصَارُ إِلَى تَرْكِ بَعْضِهَا بَلْ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَالْعَمَلُ بِجَمِيعِهَا وَقَدْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ
انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِتَلْخِيصٍ
قُلْتُ رَجَّحَ النَّوَوِيُّ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَرَجَّحَهُ أَيْضًا الحافظ بن حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ لِإِعْمَالِهِ جَمِيعَ الْأَدِلَّةِ
وَعِنْدِي أَوْلَى الْأَقْوَالِ وَأَقْوَاهَا دَلِيلًا هُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لَا فِي الْبُنْيَانِ وَلَا فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنَّ الْقَانُونَ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي هَذَا الْبَابِ لِأُمَّتِهِ هُوَ قَوْلُهُ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِلْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ ﷺ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ لَا مُطْلَقًا وَلَا مِنْ وَجْهٍ
فَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اِسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ إِلَخْ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ
فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مُنْكَرٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عن عائشة حولوا مقعدتي نحو القبلة أو قد فَعَلُوهَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ تَفَرَّدَ عَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ فَتَارَةً رَوَاهُ الْحَذَّاءُ عَنْ عِرَاكٍ وَتَارَةً يَقُولُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِرَاكٍ وَقَدْ رَوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ سُفْيَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وغيرهما وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَعْرِضُ إِلَى لِينِهِ لَكِنَّ

1 / 48