2

وبعد: فهذه تحفة وفية بمعاني حروف العربية كتبتها لبعض خلص الأصحاب، وفقنا الله وإياه للصواب، قاصدا بها وجه الله العظيم، ونيل ثوابه العميم، وقد جعلتها[65] على بابين:

### || [الباب] الأول: في تقسيم الحروف بحسب الإعمال

والإهمال وهي قسمان:

معمل: وهو ما أثر في ما دخل عليه رفعا، أو نصبا، أو جرا، أو جزما[66].

ومهمل: وهو[67] مالم يؤثر في ما دخل عليه شيئا.

[الحروف المعملة]

فالمعمل خمسة أنواع:

جار فقط، أو ناصب فقط، أو جازم فقط، أو ناصب ورافع، أو جار

ورافع، وهو (لعل) خاصة، على لغة بني عقيل[68].

[الحروف الجارة]

فالجار: ما أوصل معنى فعل أو شبهه إلى ما دخل عليه.

وترتقي إلى سبعة وعشرين حرفا، وفي بعضها خلاف.

[من]

فمنها (من): تكون زائدة، وغير زائدة.

فغير الزائدة:

لابتداء الغاية[69]، كقوله تعالى: "من المسجد الحرام"[70]، ويصلح معها (إلى).

وللتبعيض، ويصلح موضعها (بعض)، كقوله تعالى: "ومن الناس"[71]، ونحو: زيد أفضل من عمرو[72]، وقيل في مثله: لابتداء الغاية[73].

ولبيان الجنس، ويصلح موضعها (الذي هو)، كقوله تعالى: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان"[74]، وأنكره بعضهم[75].

وللمجاوزة، بمعنى (عن)[76]، كقوله تعالى: "أطعمهم من جوع"[77]، ونسبه بعضهم لسيبويه[78]، وبعضهم للكوفيين[79].

وزاد بعض المتأخرين للغاية، نحو: أخذت من الصندوق[80].

وللانتهاء، نحو: قربت منه، كأنك [قلت]: تقربت إليه.

وللتعليل، كقوله تعالى: "في آذانهم من الصواعق"[81].

وللفصل، كقوله تعالى: "يعلم المفسد من المصلح"[82].

ولموافقة (على)[83]، كقوله تعالى: "ونصرناه من القوم"[84].

وللبدل، كقوله تعالى: "ولجعلنا منكم"[85].

ولموافقة (في)[86]، كقوله تعالى: "ماذا خلقوا من الأرض"[87].

Sayfa 10