نقض هارون للأمان
ولما جمع هارون القضاة والفقهاء وأمرهم بالنظر في كتاب أمان يحيى، وهل إلى نقضه سبيل بحيلة من الحيل، ووجه من الوجوه كان فيهم محمد بن الحسن، فنظر فيه، فلما أتقنه قام قائما، وقال: هذا أمان لا سبيل إلى نقضه، ولو ألجئت أن أكتب مثله لما أحسنت، فمن نقضه فعليه لعنة الله، فحذفه هارون بدواة فشجه شجة خفيفة.
قال الحسن بن زياد: هو أمان - بصوت ضعيف -، وصححه الفقهاء كافة ؛ فقال أبو البختري - لعنه الله -: هذا منتقض - تقربا منه إلى هارون الغوي، وإيثار الدنيا على الآخرة -، فقال: أنت قاضي القضاة، وأنت أعلم بذلك، فإن كان منتقضا فمزقه، فقال لمسرور: مزقه يا أبا هاشم، فقال: لا والله مزقه أنت، فمزقه ويده ترتعش، وكان الزبيري حاضرا، فقال: شققت العصى يا يحيى وخالفت وفرقت جماعتنا، وأردت العظيم بخليفتنا، فقال يحيى: من أنتم رحمكم الله إنما الناس نحن وهؤلاء، وأنت عدو الجميع، فلما لم تقدر علينا طلبت التشفي من بعضنا ببعض، قال: فما تمالك هارون أن ضحك ضحكا شديدا، وقام يحيى إلى الحبس.
Sayfa 137