Traits of Believers in Turmoil and Changing Conditions
سمات المؤمنين في الفتن وتقلب الأحوال
Yayıncı
الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات
Türler
[مقدمة]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
والحمد لله كثيرا، على ما أنعم علينا كثيرا من العلم الذي لا ينقطع عن هذه الأمة.
والحمد لله على ما أنعم علينا بحفظ هذا الدين وبحفظ أسسه وأصوله.
وأشكره - جل وعلا - وأسأله - سبحانه - أن يمنحني وإياكم العلم النافع عند حُلول الشُّبهات، والبصرَ النافذ عند إقبال المشتبهات.
وأشكر أصحاب الفضيلة والخطباء على حرصهم على ما يقضي به العلم الصحيح، والمنهج السليم، وما يقوله أهل السنة والجماعة بما فهموا واتفقوا عليه من نصوص الكتاب والسنة.
1 / 3
واللهَ أسألُ للجميع المزيدَ من العلم والفقه، وأن يثبتنا على ذلك، ولا سيما في مثل هذه الأحوال التي تتقلب (١) .
*****
_________
(١) أصل هذا التأليف محاضرة ألقيت على الأئمة والخطباء والدعاة بحضور معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء؛ وذلك بمقر فرع الوزارة في الرياض. في مدينة الرياض في الأول من شهر شعبان عام ١٤٢٢ هـ.
1 / 4
[تمهيد]
هذا التمهيد يقوم على ثلاثة محاور:
(١) الرجوع إلى أهل العلم الراسخين فيه: احرص على النظر الصائب الذي يوافق نظر السلف عند الاشتباه، وعند تغير الأحوال.
وَصَفَ عمرُ بنُ عبد العزيزِ - رحمه الله تعالى - الصحابةَ وساداتِ التابعين بما وصفهم به، ومنها قوله: " إِنهم على علمٍ وَقَفُوا، وببصرٍ نافذٍ كَفُّوا ".
قال: " على علمٍ وقفوا "
فإنه يجب على المرء وبخاصة أهل العلم والتوجيه أن يقفوا على العلم.
والعلم قسمان:
1 / 5
(١) علم لا يدركُهُ المرءُ، ويتعلَّمُه قبل حلول الحَدَثِ، فيحيطُ به بما أعطاه الله - جل وعلا - وقد لا يحيطُ به.
(٢) علم لم يبحثه إلا وقتَ الحدث.
وهذا في الأغلب أنه لا يحيط بكلام أهل العلم فيه؛ لأنه لم يتعلمْهُ مِنْ قَبْل.
فَمَنْ عَلِمَ من نفسه حينئذٍ أنه إنما اطّلع على بحوث المسائلِ حين حلولِ الأحداثِ فيجب عليه أن لا يثقَ بجودةِ نظرهِ. . عليه أن يطلبَ براءةَ الذمَّةِ بالرجوع إلى أهل العلم الراسخين فيه.
*****
1 / 6
(٢) المسجد في الإسلام للعبادة والعلم: ومهمة المسجد في الإسلام ما يلي:
(١) أنه مكانُ عبادةِ الله - جل وعلا -.
(٢) أنه أعظمُ ما يجبُ أن يُحَقَّقَ فيه دينُ الله - جل وعلا - بكماله.
(٣) تقامُ فيه الصلواتُ المفروضةُ.
(٤) يكون فيه نشرُ الخيرِ، وتعليمُ الجاهلِ.
(٥) يكون فيه الأمر بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر. على وَفْقِ ما تقتضيه الشريعةُ.
(٦) تقام فيه الخطبُ النافعةُ.
والخطيب قائم فيها مقامَ النبيِّ ﷺ.
ولهذا تَعْظُمُ التّبِعَةُ بعِظَمِ المنصبِ والمسئوليةِ.
ومن أشدِّ من يُعَذَّبُ يوم القيامة - كما جاء في حديث البخاري - فيمن رآهم ﷺ ليلة عُرِج به، الخطباءُ الذين لم يوافقوا أمْرَ الله ﷾، وأمْرَ رسوله، فرآهم
1 / 7
يعَذبونَ بأنواعٍ من العذاب (١)
(٧) الإمامُ يقومُ فيه مقامَ النبيِّ ﷺ في أداء هذه المهمةِ؛ لأنَّ أصلَ الإمامةِ للنبي ﷺ ولمَنْ أنابَهُ ﵊ أو كَلَّفَهُ، والإمامةُ لولاةِ الأمورِ في ذلك عند كثرة المساجد.
فإذًا الواجبُ على الأئمة والخطباء أن يحققوا منهج السلف، وأن لا يُعَرِّضُوا أنفسَهم والمسلمينَ إلى ما فيه العقوبةُ.
*****
_________
(١) أوردَ ابن حجر في " فتح الباري " في شرح (كتاب مناقب الأنصار - باب حديث الإسراء) (٧ ٢٠٠) ط السلفية؛ حديث أبي هريرة ﵁ عند الطبراني والبزار قال: مرَّ بقومٍ تقرض ألسنتهم وشفاهُهُم، وكلما قُرِضتْ عادت.
قال - القائل: جبريل ﵇: هؤلاء خطباء الفتنة.
ومر بثورِ عظيم يخرج من ثقب صغير يريد أن يرجع فلا يستطيع.
قال - القائل: جبريل ﵇: هذا الرجل يتكلم بالكلمة فيندم فيريد أن يردَها فلا يستطيع.
1 / 8
(٣) الحذر من البغي والتأويل: أُحذِّرُكم وأحذرُ جميعَ المسلمين من البغي والتأويل؛ لأنهما الأساسُ في الفرقةِ والفتنةِ والبغضاءِ بين أفرادِ الأمة الإسلامية.
ويجب السمعُ والطاعةُ لولي الأمر؛ لما في ذلك من سدٍّ للذرائع.
وبعد فيا أيها الإخوان:
فإن للمؤمنين سماتٍ عليهم أن يتخَلَّقُوا بها، وهي:
1 / 9
[السمة الأولى الابتعاد عن الغضب والاستعجال]
إن المرء إذا غضب في حال الأمن فإنه قد لا يُدرك الصواب، ولهذا قال النبي ﷺ: «لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان» (١) .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه على هذا الحديث:
إن هذا الحديث يشمل القضاء في المسائل العلمية، وفي المسائل العملية، فالغضب - ومثله الحال التي تقلق الذهن وينفعل معها المرء - لا ينبغي له بل هو منهي أن يقضي في
_________
(١) أخرجه " البخاري " في " صحيحه " في (كتاب الأحكام - باب هل يقضي القاضي أو يُفتي وهو غضبان) انظر فتح الباري (١٣ ١٧٠) ط دار السلام. و" مسلم" في " صحيحه " في (كتاب الأقضية - باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان) برقم ٧٦٢ ط دار السلام. و" أبو داود" في "سننه" في (كتاب القضاء - باب القاضي يقضي وهو غضبان) برقم ٥١٥ ط دار السلام. كلهم من حديث أبي بكرة ﵁.
1 / 10
المسائل العلمية وهو على هذا النَّحْوِ من الغضب، فإذا كان القاضي كذلك في مسألة بين متخاصمين فإن الكلام في المسائل العملية أبلغ، وإن الكلام في المسائل التي تهم الأمة حينئذٍ أبلغ.
ولهذا كان من سمة منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين فَمَنْ بعدهم من أئمة الإسلام أنهم لم يستعجلوا حين استعجل الناسُ فيما ليس لهم.
قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ - رحمه تعالى - في وَصْفِ الصحابة والتابعين:
" عليكم بآّثارهم فإنهم على علمٍ وَقَفوا، وببصرٍ نافذٍ كفُّوا "
*****
1 / 11
[السمة الثانية التأني في الفتيا ودفعها إلى أهلها]
إن الصحابة ﵃ تدافعوا الفُتيا، لأنهم على علمٍ وقفوا، وتدافعوا الفتيا في مسائل يسيرة، فكيف إذا جاءت المسائل الكبيرة العظيمة؟ فهل يكون من منهجهم الإسراع في الفتيا، والإسراع في الكلام؟
الجواب: ليس هذا من شأنهم؛ لأنهم على علمِ وقفوا وببصرٍ نافذ كفُّوا.
البصرُ مراد به البصيرةُ التي قال - جل وعلا - فيها آمرًا نبيَّه: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: ١٠٨]
والبصيرةُ للقلب كالبصر للعين، ويُعاوَض بينهما في الاستعمال.
قال: " وببصر نافذ كفوا ".
فحين كفوا في زمن الفتن، في زمن قتل عثمان ﵁ وفي زمن الخلاف بين علي
1 / 12
ومعاوية ﵄، وحين كفُّوا في الفتن لما حَصَلَ ما حصل؛ إنهم ببصرٍ نافذ كفُّوا. . هناك نفاذ حين كَفوا، وليس الكفُّ عجزًا أو هربًا، وإنما هو طلبٌ للسلامة حين يَلْقَى الناسُ ربَّهم - جل وعلا -.
وقال الله - تعالى -: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [النحل: ١١٦]
هذه الآية تبين شدة خطر القول بأن هذا حلال وهذا حرام؛ لأن المرء لا يجزم بموافقة حكم الله - جل وعلا - في المسائل الاختلافية، أو في المسائل المجتهد فيها.
وقد كان منهج السلف في هذه المسائل هو الورع والاحتياط للدين، فلا يقولون: هذا حلال، إلا لما اتضح دليله من أدلة الشرع، ولا يقولون: هذا حرام، إلا إذا اتضح دليله. . . .
وقال - تعالى: ﴿آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ - وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [يونس: ٥٩ - ٦٠]
1 / 13
قال العلماء في تفسير هذه الآية: كفى بهذه الآية زاجرة زجرًا بليغًا عن التجوزُ فيما يسأل من الأحكام، وكفى بها باعثة على وجوب الاحتياط في الأحكام، وأن لا يقول أحذ في شيءٍ: هذا جائز، وهذا غير جائز إلا بعد إتقان وإيقان.
ومن لم يوقن فليتق وليصمت، وإلا فهو مفترٍ على الله ﷿، وقوله - تعالى -: ﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩] وقوله من شديد الوعيد وهذا يوجب الخوف من الدخول في الفتيا في كل ما يَسأل عنه الناس.
وقال النبي ﷺ: «من أُفْتِيَ بغير علمٍ كان إِثْمُهُ على مَنْ أفْتَاهُ» (١) .
وينبغي على المرء أن يربأ بنفسه أن يعرض دينه للخطر، وأن يعرض حسناته للذهاب بذنب يحدثه في الأمة.
_________
(١) رواه " أبو داود " في (كتاب العلم - باب التوقي في الفُتْيا) رقم ٣٦٥٧ من حديث أبي هريرة، وقريب منه في سنن " ابن ماجه " رقم ٥٣.
1 / 14
[السمة الثالثة الرفق والأناة والحلم]
إن من سمات الصحابة - رضوان الله عليهم - الأخذُ بما يُحِبُّ الله - جل وعلا - ويرضاه، ومن ذلك الرفقُ والأناةُ والحلمُ.
قال النبي ﷺ فيما جاء في الصحيحين: «إِن الله يُحِب الرفْقَ في الأمر كلهِ» (١) .
وقال ﵊: «إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تُشركوا به شيئا، وأن تَعْتصَمُوا بحبلِ جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصِحوا من ولاهُ اللهُ أمرَكُمْ» (٢) .
قال نبينا ﷺ: «إنَّ الرِّفْقَ لا يكونُ في شيءٍ إلاَّ زانَهُ، ولا
_________
(١) أخرجه " البخاري " في " صحيحه في (كتاب الأدب - باب الرفق في الأمر) من حديث عائشة ﵂.
(٢) أخرجه " أحمد " في " مسنده " (١٤ ٧٨)، و" مالك في " الموطأ " في (كتاب السلام (٢ ٩٩٠) . من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 15
يُنزْعُ من شيءٍ إلا شانَهُ» (١) .
وقال - صلوات الله وسلامه عليه -: «من يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الخير» (٢) .
وكما قال رسول ﷺ لأشَجِّ عبد القيسِ: «إِن فيك خَصْلتَين يُحِبُّهُما الله: الحلمُ والأناة» (٣) .
*****
_________
(١) أخرجه " مسلم " في " صحيحه " في (كتاب البر والصلة - باب فضل الرفق) برقم ٦٦٠٢ من حديث عائشة ﵂.
(٢) رواه " مسلم " في " صحيحه " في (كتاب البر والصلة - باب فضل الرفق) برقم ٦٥٩٨ من حديث جرير رضي عنه.
(٣) أخرجه " مسلم " في " صحيحه " في (كتاب الإيمان - باب الإيمان بالله تعالى ورسوله ﷺ وشرائع الدين. .) برقم ١١٧.
1 / 16
[السمة الرابعة اجتماع الكلمة عند الفتن]
من سمة السلف لمن درس منهجهم في القرن الأول حين كَثُرَ الخلافُ، وكَثُرَتِ الفتنُ أنهم يأمرونَ بالاجتماع، وينهَوْنَ عن الافتراق.
وقد قَرَّرَ أهلُ العلم أن الاجتماع نوعان:
(١) الاجتماع في الدين.
(٢) والاجتماع على ولي الأمر.
والافتراق نوعان:
(١) افتراق في الدين.
(٢) وافتراق في الجماعة.
والله - جل وعلا - قال:
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣]
والنبيُّ ﷺ حضَّ على الاجتماع والجماعة بقوله:
1 / 17
«سَتفترِقُ هذه الأمة إلى ثلاثٍ وسبعين فرقَةً كلُها في النار إلا واحدة، قالوا: مَنْ هي يا رسول الله؟ قال: هي الجَمَاعةُ» (١) .
قال أهلُ العلم: معنى الجماعة هنا ما يشمل الاجتماعَ في الدين، والاجتماعَ على مَنْ ولاه اللهُ الأمرَ من المسلمين.
وقال ﷺ: «الجماعةُ رحمة، والفُرْقَة عذاب» (٢) .
وهذا ظاهر بَيِّن في أن منهج الأئمة الحرصُ على الجماعة.
حتى أنه لما ظهر القولُ بخلقِ القرآن، وحَصَلَ من الناس ما حَصَلَ من التسارع إلى نشر هذا القول، ودعا إليه ولي الأمرِ في ذلك الزمانِ، قال أحدُ طلاب الإمام أحمدَ - وهو
_________
(١) أخرجه " أبو داود " في " سننه " في (كتاب السنة - باب شرح السنة) ٦٥٠ ط دار السلام. من حديث معاوية بن أبي سفيان ﵁. و" ابن ماجه " في " سننه " في (كتاب الفتن - باب افتراق الأمم) ٥٧٤ ط دار السلام. من حديث عوف بن مالك ﵁.
(٢) قطعة من حديث أخرجه " أحمد " في " مسنده " (٣٠ / ٣٩٠) من حديث النعمان بن بشير ﵄.
1 / 18
إمامُ أهل السنة والجماعة - له: ألا تَرَى ما الناسُ فيه؟ ألا تقولُ قولًا يغير الله به ما فَعَلَ. .؟ كأنه يشير إلى ما فَعَلَ ولاة الأمرِ، أو ما هو مشهورٌ.
فجعل الإمامُ أحمدُ ﵀ ينهى عن ذلك، وينفضُ يَدَيْهِ شديدا، ويقول: " إيَّاكُمْ والدماءَ، إياكمْ والدماءَ ".
لأنه يعلم أن شدة الافتراق تُسَبِّبُ في النهاية الافتراقَ في الأبدان، ثم وقوع ما يُخْشَى منه من سفْكِ الدماء، أو منازعة في الأمر.
ويتحتمُ على الأمة الإسلامية أن تَعِيَ تمامًا ما بينَهُ الكتابُ وكذلك السنةُ أنّ أهل الكتاب تفرّقوا واختلفوا، وضرب بعضُهم بعضًا، لا لنقصِ العلم عندهم، بل من البغي والتأويل.
قال الله - جل وعلا -: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ١٤]
ولذلك قال العلماء في كتب العقائد: إن أعظم ما حصل به الافتراقُ والفتنُ والبغضاءُ في هذه الأمة من شيئين: البغي،
1 / 19
والتأويل.
فإذا حَصَلَ البغيُ: بأن زاد الناسُ على ما أذن به، أو حَصَلَ التأويل بغير مستند شرعي صحيح وقعتِ الفتنة. والعياذُ بالله - تعالى -.
*****
1 / 20
[السمة الخامسة السمع والطاعة لولاة الأمر]
مما دلّتْ عليه النصوصُ وتظاهرتْ لزومُ السمع والطاعة لوليِّ الأمر المسلم، لأن السمع والطاعة أمر عظيمٌ، خَالَفَ به رسولُ الله ﷺ أهلَ الجاهلية.
وقد ذكره إمام الدعوة الشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهاب ﵀ في " مسائل الجاهلية " في أوائل المسائل مع التوحيد.
وذكر التوحيد، والنهي عن الشرك فيما خالف به رسولُ الله ﷺ أهلَ الجاهلية. .
وذكرَ الاجتماعَ، وعدمَ الافتراقِ. .
وذكر الطاعةَ.
وهذا أصل عظيم، نَقَلَ به النبي ﷺ الأمةَ عمَّا كان عليه أهلُ الجاهليةِ، ولهذا قال:
«لا تَرْجِعُوا بعدِي كُفَّارا يَضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بَعْض» (١) .
_________
(١) أخرجه " البخاري " في " صحيحه " في (كتاب العلم - باب الإنصات للعلماء)، وفي (كتاب الديات - باب قول الله - تعالى -: وَمَنْ أَحْيَاهَا وفي أماكن أخرى انظر فتح الباري (١ ٢٨٦، ٢١ ٢٣٧) . ط دار السلام - من حديث النعمان بن بشير ﵄.
1 / 21
وإذا كانت النهاية في أمرٍ ما هو هذا فإنّ سدّ الذرائعِ المُوصِلَةِ له واجبٌ شرعًا، بل من أعظم الواجبات.
وينبغي على الأمة التسليمُ لوليِّ الأمر في الوفاء بالعهد والميثاق فإذا أخذَ وليُّ الأمر بالعهد والميثاق بينه وبين غير المؤمنين من الكفار، أو المشركين؛ فإنه يتحتمُ إمضاؤها؛ لأن الله - جل وعلا - قال: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٤]
وقال - جل وعلا -: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [الأنفال: ٧٢]
وهذا الاستثناء لا يخالف الولاءَ والبراءَ؛ لأن القرآن حقّ كله.
قال ابن كثير - رحمه لله تعالى - في تفسير هذه الآية:
1 / 22