يقال: جاء شيء، ولا يقال: جاء جاء، وإن كان الجائي أخص من شيء؛ لأن «جاء» مسند، والمسند إليه الفاعل، ومعرفة المسند إليه سابقة على معرفة المسند، فمتى عرف المجيء عرف الجائي، فلا فائدة في الإسناد حينئذ، والشيء قد لا يعرف مجيئه، ولا يرد نحو: أتاني آت، ونحو قوله:
هريرة ودعها وإن لام لائم (1)
فإن التنكير في ذلك لمعنى خاص، وكلامنا إنما هو في جاء جاء من غير إرادة شيء خاص.
الكتاب
(فأجاءها المخاض) (2) ألجأها واضطرها الطلق؛ قال جار الله: هو منقول من جاء، إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء (3).
(وجاء ربك) (4) أي أمره بالجزاء ونحوه، أو صارت معرفته ضرورية فكانت كحضوره وزال الشك.
الأثر
في الدعاء: (وذاهبا وجائيا) (5) الأصل: «جايئا»، بتقديم الياء على الهمزة؛ قلبت الياء همزة كصائن، فصار جائئا بهمزتين؛ فقلبت الثانية ياء لكسر ما قبلها، أو هو على القلب كشاكي في شائك؛ فوزنه فالع.
المثل
(ما جاءت حاجتك) (6) أول من قال ذلك الخوارج لابن عباس إذ جاءهم رسولا من علي 7، و«جاء» بمعنى صار أو كان، و«حاجتك»، تروى بالرفع؛ ف «ما»: استفهامية في موضع نصب على أنها خبر قدم للاستفهام، والتقدير: أية حاجة صارت حاجتك.
Sayfa 54