O Koku ve Diğer Öyküler
تلك الرائحة: وقصص أخرى
Türler
أسميت محمد بك بيني وبين نفسي «محمد كرشة». وسمعته يقول إنه جاء بدون أسرته كي يفوز بعطلة حقيقية. وتبينت أن أسرة الأستاذ البورسعيدي تجلس خلفه مباشرة، وهي مكونة من سيدة محجبة تضع عوينات شمسية، وتغطي الملابس رأسها وساعديها حتى المعصمين، وبقية جسدها حتى أصابع القدمين، وإلى جوارها فتاة في سن المراهقة موشكة على البكاء، وطفلان غيرها.
أشرفت السيارة على أحد أسوار المدينة القديمة، فقال المرشد: «لقد صدت هذه الأسوار غزوات أجنبية كثيرة، أقدمها وقع قبل الميلاد بثلاثة قرون، عندما هاجمها أحد خلفاء الإسكندر الأكبر بجيش من أربعين ألفا يساندهم أسطول قوي وآلات حصار مبتكرة. وصمد ستة آلاف من المدافعين داخل المدينة لهذه القوة الماحقة سنة كاملة، حتى اضطر المهاجمون للانسحاب.»
قام محمد كرشة فجأة من مكانه وعرض علبة من سجائر الدانهيل على الجالسين. وتوقف عند السيدتين عاريتي الأكتاف، وكانتا تجلسان خلفي. وسمعت إحداهما تقول إنها لا تدخن. بينما قالت الثانية إنها انتهت للتو من سيجارتها ولا تريد واحدة جديدة.
ألح عليها أن تأخذ السيجارة ملتمسا منها ألا تكسفه، واعتذرت مرة أخرى، فأصر قائلا: «أنت بتهينيني كده يا مدام.» واضطرت في النهاية أن تأخذ السيجارة، فأشعلها لها ثم عاد راضيا إلى مقعده.
وسمعت رفيقتها تهمس لها: «أيوه يا عم، ماشية معاك حلاوة.»
تمهل الأتوبيس أمام بوابة قديمة في السور فقال المرشد: «هذه البوابة تدعى بوابة الحرية. وهي تؤدي إلى أقدم حي في المدينة، وهو يعرف بحي الفرسان.»
اخترقت السيارة البوابة ومضت في أزقة ضيقة تظللها الأشجار، ثم توقفت في ساحة صغيرة تفرعت منها ممرات مهجورة.
علق المرشد قائلا: «في أعقاب انسحاب الصليبيين من الشام استقر ستمائة فارس من أعرق العائلات الأوروبية في هذا الحي، وتعاهدوا فيما بينهم على حياة قوامها الزهد والعفة، ولم يكونوا يغادرون هذا الحي إلى بقية المدينة إلا في جماعات، وفوق ظهور الجياد.
وفي سنة 1522م هاجمهم الأتراك بمائتي سفينة ومائة وخمسين ألف جندي، ولم يكن مع الفرسان غير خمسة آلاف من السكان المحليين، وفرض الأتراك عليهم حصارا استمر أربعة شهور ونصفا، فقد الغزاة خلالها خمسين ألفا من رجالهم، رغم أن الفرسان لم يتلقوا أية مساعدة من الخارج؛ فقد تخلى العالم المسيحي عنهم.
وتمكن الأتراك أخيرا، بفضل أحد الخونة، من إحداث ثغرة في دفاع الفرسان، واضطر هؤلاء إلى طلب الهدنة. واتفق الطرفان على أن يغادر مائة وثمانون فارسا - هم كل من تبقى من الفرسان - الجزيرة إلى مالطة بطريقة مشرفة، ومنذ ذلك الحين عرفوا بفرسان مالطة.»
Bilinmeyen sayfa