تفسير التبيان ج1
ما صنف في هذا المعنى، غير أنهما أطالا الخطب فيه، وأوردا فيه كثيرا مما لا يحتاج وسمعت جماعة من اصحابنا قديما وحديثا، يرغبون في كتاب مقتصد يجتمع على جميع فنون علم القرآن، من القراءة، والمعاني والاعراب، والكلام على المتشابه، والجواب عن مطاعن الملحدين فيه، وأنواع المبطلين، كالمجبرة، والمشبههة والمجسمة وغيرهم، وذكر ما يختص اصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه على صحة مذاهبهم في اصول الديانات وفروعها وأنا ان شاء الله تعالى، أشرع في ذلك على وجه الايجاز والاختصار لكل فن من فنونه، ولا أطيل فيمله الناظر فيه، ولا اختصر اختصارا يقصر فهمه عن معانيه وأقدم امام ذلك، فصلا يشتمل على ذكر جمل لابد من معرفتها دون استيفائها، فان لاستيفاء الكلام فيها مواضع هي أليق به ومن الله استمد المعونة، وأستهديه إلى طريق الرشاد، بمنه وقدرته ان شاء الله تعالى
فصل في ذكر جمل لابد من معرفتها قبل الشروع في تفسير القرآن
إعلم ان القرآن معجزة عظيمة على صدق النبي عليه السلام، بل هو من أكبر المعجزات وأشهرها. غير أن الكلام في إعجازه، وجهة إعجازه، واختلاف الناس فيه، لا يليق بهذا الكتاب، لانه يتعلق بالكلام في الاصول. وقد ذكره علماء أهل التوحيد، وأطنبوا فيه، واستوفوه غاية الاستيفاء.
وقد ذكرنا منه طرفا صالحا في شرح الجمل، لايليق بهذا الموضع، لان استيفاءه يخرج به عن الغرض واختصاره لايأتي على المطلوب، فالاحالة عليه أولى والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه، وفنون أغراضه وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لايليق به ايضا، لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان منه، فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه، وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى (ره)، وهو الظاهر في الروايات غير أنه رويت روايات كثيره، من جهة الخاصة والعامة، بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شئ منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لاتوجب علما ولا عملا، والاولى الاعراض عنها، وترك التشاغل بها، لانه يمكن تأويلها ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين، فان ذلك معلوم صحته، لايعترضه احد من الامة ولايدفعه ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته والتمسك بما فيه، ورد ما يرد من اختلاف الاخبار في الفروع اليه.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله رواية لا يدفعها احد، انه قال: (اني مخلف فيكم الثقلين، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) وهذا يدل على تفسير التبيان ج1
Sayfa 2