Peygamber Tıbbı
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Yayıncı
دار الهلال
Baskı Numarası
-
Yayın Yeri
بيروت
بِهَا، فَإِنَّ أَضْدَادَ ذَلِكَ يُوجِبُ انْصِبَابَ الْمَوَادِّ إِلَيْهَا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَثَلُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مَثَلُ الْعَيْنِ، وَدَوَاءُ الْعَيْنِ تَرْكُ مَسِّهَا. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ: «عِلَاجُ الرَّمَدِ تَقْطِيرُ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الْعَيْنِ» وَهُوَ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ لِلرَّمَدِ الْحَارِّ، فَإِنَّ الْمَاءَ دَوَاءٌ بَارِدٌ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى إِطْفَاءِ حَرَارَةِ الرَّمَدِ إِذَا كَانَ حَارًّا، وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁ لِامْرَأَتِهِ زينب وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا: لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَانَ خَيْرًا لَكِ وَأَجْدَرَ أَنْ تُشْفِي، تَنْضَحِينَ فِي عَيْنِكِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَقُولِينَ: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» «١» . وَهَذَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّهُ خَاصٌّ بِبَعْضِ الْبِلَادِ، وَبَعْضِ أَوْجَاعِ الْعَيْنِ، فَلَا يُجْعَلُ كَلَامُ النُّبُوَّةِ الْجُزْئِيُّ الْخَاصُّ كُلِّيًّا عَامًّا، وَلَا الْكُلِّيُّ الْعَامُّ جُزْئِيًّا خَاصًّا، فَيَقَعُ مِنَ الْخَطَأِ، وَخِلَافُ الصَّوَابِ مَا يَقَعُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فصل فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي عِلَاجِ الْخَدَرَانِ الْكُلِّيِّ الَّذِي يَجْمُدُ مَعَهُ الْبَدَنُ
ذَكَرَ أبو عبيد فِي «غَرِيبِ الْحَدِيثِ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: أَنَّ قَوْمًا مَرُّوا بِشَجَرَةٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَكَأَنَّمَا مَرَّتْ بِهِمْ رِيحٌ، فَأَجْمَدَتْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«قَرِّسُوا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ، وَصُبُّوا عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ أبو عبيد:
قَرِّسُوا: يَعْنِي بَرِّدُوا. وَقَوْلُ النَّاسِ: قَدْ قَرَسَ الْبَرْدُ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ هَذَا بِالسِّينِ لَيْسَ بِالصَّادِ. وَالشِّنَانُ: الْأَسْقِيَةُ وَالْقِرَبُ الْخُلْقَانِ، يُقَالُ لِلسِّقَاءِ: شَنٌّ، وَلِلْقِرْبَةِ:
شَنَّةٌ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشِّنَانَ دُونَ الْجُدُدِ لِأَنَّهَا أَشَدُّ تَبْرِيدًا لِلْمَاءِ. وَقَوْلُهُ: «بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ»، يَعْنِي أَذَانَ الْفَجْرِ وَالْإِقَامَةَ، فَسَمَّى الْإِقَامَةَ أَذَانًا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: وَهَذَا الْعِلَاجُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَفْضَلِ عِلَاجِ هَذَا الدَّاءِ إِذَا كَانَ وُقُوعُهُ بِالْحِجَازِ، وَهِيَ بِلَادٌ حَارَّةٌ يَابِسَةٌ، وَالْحَارُّ الْغَرِيزِيُّ ضعيف في بواطن
_________
(١) أخرجه ابن ماجه وأبو داود
1 / 82