296

Peygamber Tıbbı

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Yayıncı

دار الهلال

Baskı Numarası

-

Yayın Yeri

بيروت

ثَقِيلٌ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُحْتَقِنٌ لَا يَخْلُو عَنْ تَعَفُّنٍ، وَالْآخَرَ مَحْجُوبٌ عَنِ الْهَوَاءِ، وَيَنْبَغِي أَلَّا يُشْرَبَ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى يُصْمَدَ لِلْهَوَاءِ وَتَأْتِيَ عَلَيْهِ لَيْلَةٌ، وَأَرْدَؤُهُ مَا كَانَتْ مَجَارِيهِ مِنْ رَصَاصٍ، أَوْ كَانَتْ بِئْرُهُ مُعَطَّلَةً، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ تُرْبَتُهَا رَدِيئَةً، فَهَذَا الْمَاءُ وَبِيءٌ وخيم.
ماء زمزم: سَيِّدُ الْمِيَاهِ وَأَشْرَفُهَا وَأَجَلُّهَا قَدْرًا، وَأَحَبُّهَا إِلَى النفوس وأغلاها تمنا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ النَّاسِ، وَهُوَ هَزْمَةُ جِبْرِيلَ وَسُقْيَا اللَّهِ إِسْمَاعِيلَ «١» .
وَثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ»: عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ لأبي ذر وَقَدْ أَقَامَ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا أَرْبَعِينَ مَا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرَهُ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ «٢» .. وَزَادَ غَيْرُ مسلم بِإِسْنَادِهِ: وَشِفَاءُ سُقْمٍ «٣» .
وَفِي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ» . مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ:
«مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» «٤» . وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ طَائِفَةٌ بعبد الله بن المؤمل رَاوِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ، أَتَى زَمْزَمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابن أبي الموالي حَدَّثَنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر ﵁، عَنْ نَبِيِّكَ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»، وَإِنِّي أَشْرَبَهُ لِظَمَأِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وابن أبي الموالي ثِقَةٌ، فَالْحَدِيثُ إِذًا حَسَنٌ وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مَوْضُوعًا، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مُجَازَفَةٌ.
وَقَدْ جَرَّبْتُ أَنَا وَغَيْرِي مِنَ الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ أُمُورًا عَجِيبَةً، وَاسْتَشْفَيْتُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ أَمْرَاضٍ، فَبَرَأْتُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَشَاهَدْتُ مَنْ يَتَغَذَّى بِهِ الْأَيَّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَجِدُ جُوعًا، وَيَطُوفُ مَعَ النَّاسِ كَأَحَدِهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رُبَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ لَهُ قُوَّةً يُجَامِعُ بِهَا أَهْلَهُ، وَيَصُومُ ويطوف مرارا.

(١) أخرجه الدارقطني، والحاكم.
(٢) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة.
(٣) أخرجه البزار والبيهقي والطيالسي.
(٤) أخرجه ابن ماجة وأحمد والبيهقي.

1 / 298