Peygamber Tıbbı
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Yayıncı
دار الهلال
Baskı Numarası
-
Yayın Yeri
بيروت
الشَّرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْبَارِدَ الْحُلْوَ. وَالْمَاءُ الْفَاتِرُ يَنْفُخُ، وَيَفْعَلُ ضِدَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.
وَلَمَّا كَانَ الْمَاءُ الْبَائِتُ أَنْفَعَ مِنَ الَّذِي يُشْرَبُ وَقْتَ اسْتِقَائِهِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ دَخَلَ إِلَى حَائِطِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ: «هَلْ مِنْ مَاءٍ بَاتَ فِي شَنَّةٍ؟» فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَفْظُهُ: «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنَّةٍ وَإِلَّا كَرَعْنَا» «١» .
وَالْمَاءُ الْبَائِتُ بِمَنْزِلَةِ الْعَجِينِ الْخَمِيرِ، وَالَّذِي شُرِبَ لِوَقْتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْفَطِيرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ التُّرَابِيَّةَ وَالْأَرْضِيَّةَ تُفَارِقُهُ إِذَا بَاتَ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ، وَيَخْتَارُ الْبَائِتَ مِنْهُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُسْتَقَى لَهُ الْمَاءُ الْعَذْبُ مِنْ بِئْرِ السُّقْيَا «٢» .
وَالْمَاءُ الَّذِي فِي الْقِرَبِ وَالشِّنَانِ، أَلَذُّ مِنَ الَّذِي يَكُونُ فِي آنِيَةِ الْفَخَّارِ وَالْأَحْجَارِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا سِيَّمَا أَسْقِيَةُ الْأَدَمِ، وَلِهَذَا الْتَمَسَ النَّبِيُّ ﷺ مَاءً بَاتَ فِي شتة دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَوَانِي، وَفِي الْمَاءِ إِذَا وُضِعَ فِي الشِّنَانِ، وَقِرَبِ الْأَدَمِ خَاصَّةٌ لَطِيفَةٌ لما فيها من المسام المنتفخة الَّتِي يَرْشَحُ مِنْهَا الْمَاءُ، وَلِهَذَا كَانَ الْمَاءُ فِي الْفَخَّارِ الَّذِي يَرْشَحُ أَلَذُّ مِنْهُ، وَأَبْرَدُ فِي الَّذِي لَا يَرْشَحُ، فَصَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى أَكْمَلِ الْخَلْقِ، وَأَشْرَفِهِمْ نَفْسًا، وَأَفْضَلِهِمْ هَدْيًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لَقَدْ دَلَّ أُمَّتَهُ عَلَى أَفْضَلِ الْأُمُورِ وَأَنْفَعِهَا لَهُمْ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قَالَتْ عائشة: كَانَ أَحَبُّ الشَّرَابِ إلى رسول الله ﷺ الْحُلْوَ الْبَارِدَ «٣» . وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَاءَ الْعَذْبَ، كَمِيَاهِ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ الْحُلْوَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَاءَ الْمَمْزُوجَ بِالْعَسَلِ، أَوِ الَّذِي نُقِعَ فِيهِ التَّمْرُ أَوِ الزَّبِيبُ.
وَقَدْ يُقَالُ- وَهُوَ الأظهر-: يعمهما جميعا.
(١) أخرجه البخاري في الأشربة. (٢) أخرجه أبو داود في الأشربة. (٣) أخرجه أحمد والترمذي في الجامع.
1 / 169