Peygamber Tıbbı
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Yayıncı
دار الهلال
Baskı Numarası
-
Yayın Yeri
بيروت
الْعِلَاجِ، وَكُلُّ طَبِيبٍ لَا تَكُونُ هَذِهِ أَخِيَّتَهُ «١» الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا، فَلَيْسَ بِطَبِيبٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَلَمَّا كَانَ لِلْمَرَضِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: ابْتِدَاءٌ، وَصُعُودٌ، وَانْتِهَاءٌ، وَانْحِطَاطٌ، تَعَيَّنَ عَلَى الطَّبِيبِ مُرَاعَاةُ كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الْمَرَضِ بِمَا يُنَاسِبُهَا وَيَلِيقُ بِهَا، وَيَسْتَعْمِلُ فِي كُلِّ حَالٍ مَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا. فَإِذَا رَأَى فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ أَنَّ الطَّبِيعَةَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى مَا يُحَرِّكُ الْفَضَلَاتِ وَيَسْتَفْرِغُهَا لِنُضْجِهَا، بَادَرَ إِلَيْهِ، فَإِنْ فَاتَهُ تَحْرِيكُ الطَّبِيعَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ لِعَائِقٍ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لِضَعْفِ الْقُوَّةِ وَعَدَمِ احْتِمَالِهَا للاستفراغ، أو لبرودة الفصل، أو لتفريط رقع، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي صُعُودِ الْمَرَضِ، لِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَهُ، تَحَيَّرَتِ الطَّبِيعَةُ لِاشْتِغَالِهَا بِالدَّوَاءِ، وَتَخَلَّتْ عَنْ تَدْبِيرِ الْمَرَضِ وَمُقَاوَمَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمِثَالُهُ: أَنْ يَجِيءَ إِلَى فارس مشغول بموافقة عَدُوِّهِ، فَيَشْغَلَهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ آخَرَ. وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يُعِينَ الطَّبِيعَةَ عَلَى حِفْظِ الْقُوَّةِ مَا أَمْكَنَهُ.
فَإِذَا انْتَهَى الْمَرَضُ وَوَقَفَ وَسَكَنَ، أَخَذَ فِي اسْتِفْرَاغِهِ، وَاسْتِئْصَالِ أَسْبَابِهِ، فَإِذَا أَخَذَ فِي الِانْحِطَاطِ، كَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَمِثَالُ هَذَا مِثَالُ الْعَدُوِّ إِذَا انْتَهَتْ قُوَّتُهُ، وَفَرَغَ سِلَاحُهُ، كَانَ أَخْذُهُ سَهْلًا، فَإِذَا وَلَّى وَأَخَذَ فِي الْهَرَبِ، كَانَ أَسْهَلَ أَخْذًا، وَحِدَّتُهُ وَشَوْكَتُهُ إِنَّمَا هِيَ فِي ابْتِدَائِهِ، وَحَالِ اسْتِفْرَاغِهِ، وَسَعَةِ قُوَّتِهِ، فَهَكَذَا الدَّاءُ وَالدَّوَاءُ سَوَاءٌ.
فصل
وَمِنْ حِذْقِ الطَّبِيبِ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ التَّدْبِيرُ بِالْأَسْهَلِ، فَلَا يَعْدِلُ إِلَى الْأَصْعَبِ، وَيَتَدَرَّجُ مِنَ الْأَضْعَفِ إِلَى الْأَقْوَى إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ القوة حينئذ، فيجب أن يبتدىء بِالْأَقْوَى، وَلَا يُقِيمَ فِي الْمُعَالَجَةِ عَلَى حَالٍ واحدة فتألفها الطبيعة، ويقل
(١) الأخية بزنة أبية: الحرمة والذمة
1 / 108