Sonra Güneş Doğar

Servet Abaza d. 1423 AH
81

Sonra Güneş Doğar

ثم تشرق الشمس

Türler

فكتب: «فصدقيني.» - يا ليت!

فكتب: «ستجعلك الأيام تصدقينني.»

فقالت: لا تستهن بالأيام، فهي تأتي من قريب، وعن قريب أعرف مقدار صدقك، لا تجعل الأيام تؤيد خوفي وتزيل أملي، فأنا لا أستحق هذا، ولا أستحقه منك أنت بالذات، أنت أخ لنا، وأنا ... وأنا ... وأنا لقيت من الزمان ما يكفي.

وكتب: «ستعرفين مدى صدقي.»

فأطرقت فايزة وأطالت الإطراق، وعاد يسري يربت كتفها، وما لبثت أن قالت: يا رب، إن كان كاذبا فلا تجعلني أرى كذبه.

الفصل الثاني والثلاثون

نعم يسري بحياته الجديدة، واستطاع أن ينسي فايزة مخاوفها، فكان يقبل عليها مشرقا وينصرف عنها ملاطفا، واستكانت هي إلى هذه الحياة الجديدة مقبلة عليها في سعادة لم تعرفها منذ كانت طفلة لاهية، وأوشكت أن تنسى ما بها. وشهد أبوها وأمها وأختها هذا الإشراق الجديد الذي أصبح يشيع في أجوائها، وكان خيري لا يني عن الزيارة وكان يشهد هذه السعادة التي استطاع أخوه أن يهيئها لزوجته، وكان يرى آثارها على العائلة جميعها، ولكنه لم يطمئن كما اطمأنت عائلة عزت باشا، فقد كانت معرفته لأخيه أعمق ، ولم يشأ أن يكدر هذا الصفو فهو يظهر لهم فرحه، ويخفي خوفه، يخفيه عن وفيه التي ما تكاد تختلس خلوة به حتى تظهر رضاها غاية الرضا عن أخيه ومعاملته لزوجته، وكان خيري يلاقي فرحها بفرح يصطنعه متكلفا في اصطناعه غاية الجهد.

ومرت الأيام بيسري وهو بها هانئ، وكان عزت باشا لبقا كيسا، فاستطاع أن يمد عونه ليسري دون أن يجرح كبرياءه، فقد طلب إليه أن يشرف على حسابات الزراعة، وحدد له لقاء هذا أجرا كبيرا قبله يسري في صمت كحق مفروض له، وهكذا أصبح هذا الأجر وما يناله كمرتب من وزارة المالية مالا خالصا له هو غير مطالب منه بشيء إلا هدايا قليلة يقدمها لأخته نادية أو لأمه، وحين حاولت أمه الرفض غضب وكاد يقاطع البيت فقبلت مرغمة. وأراد يسري أن يقدم لأخيه خيري بعض هذه الهدايا فأقنعه خيري ألا يفعل، ولكن دون أن يغضب ودون أن يتيح له فرصة للغضب، مشيرا إليه أن واجبه يقضي عليه بأن يقدم الهدايا لزوجته، ففرح يسري بهذه الإشارة ونفذ مضمونها في إقبال وغدق.

ولم تطل أيام يسري الهانئة، فإن نفسه لم تعفه من الضيق.

ها هو ذا المال يجري بين يدي، وها أنا ذا لا أشتهي شيئا، فما لي ضيق النفس لا أستقر على حال من القلق والملل؟ إني أعمل ... ماذا أعمل؟ ألا أذهب كل يوم إلى الوزارة؟ وماذا أفعل بها؟ إنني هناك كما أنا في البيت زوج بنت عزت باشا ولا عمل، ألم يكن المال هو كل ما أشتهي؟ ألم أكن أحسد الجزار وبائع اللبن وعزت باشا على غناهم؟ وها أنا ذا أكثر غنى منهم، فإن المال يأتيني ثم أنا غير مطالب بشيء، دفتر حساباتي فيه الوارد وليس فيه الصادر، ربح خالص بلا رأس مال، وعزت باشا يشقى ويكدح طول عامه، يسافر إلى العزبة مرات في الأسبوع، ويتابع أمواله في كل مناحيها، وأنا ما علي إلا أن آكل من شقائه وأسعد ابنته، وإن إسعادها هين يسير. ولكني أرى عزت باشا سعيدا في سفره سعيدا في شراء الأسهم وبيعها ولا أرى نفسي سعيدا، يبدو لي أن السعادة ليست في المال ذاته، وإنما في بذل الجهد للحصول عليه، فأي جهد أستطيع أن أبذله؟ آه لو شهد أخي خيري هذا الضيق الذي يزحم نفسي لأحس الانتصار علي مرة أخرى، وكيف له أن يشهد؟! إنني لا أبدو أمامه إلا سعيدا هانئا فمن له بما يركد في نفسي من ضيق وملل؟ ولو أنني حكمت منطقي وحده لوجدت هذا الضيق سخفا خالصا، لقد طلبت الغنى فنلته، والسلطان فتحقق لي بفضل عزت باشا، فما هذا الضيق؟ وما حيلتي فيه وأنا أحسه يملأ كياني، ويهصر سعادتي، ويدمر أيامي تدميرا؟

Bilinmeyen sayfa