103

وللدولة الاموية الحق بل من واجبها أن تشكر أولئك الذين مهدوا لها ، وأقل الشكر أن تستأجروا رواة مأجورين يروون في فضائل أسيادهم ما تسير به الركبان وفي نفس الوقت يرفعون هؤلاء فوق منزلة خصومهم أهل البيت ، باختلاق الفضائل والمزايا التي يشهد الله أنها إذا ما بحثت تحت ضوء الادلة الشرعية والعقلية والمنطقية ، فلن يبقى منها شيء يذكر ، أللهم إلا إذا أصاب عقولنا مس وآمنا بالتناقضات .

وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فإننا نسمع الكثير عن عدل عمر الذي سارت به الركبان حتى قيل « عدلت فنمت » وقيل دفن عمر واقفا لئلا يموت العدل معه وفي عدل عمر حدث ولا حرج ، ولكن التاريخ الصحيح يحدثنا بأن عمر حين فرض العطاء في سنة عشرين للهجرة لم يتوخ سنة رسول الله ولم يتقيد بها ، فقد ساوى النبي صلى الله عليه وآله بين جميع المسلمين في العطاء فلم يفضل أحدا على

( 1 ) للتفصيل إقرأ :

الخلافة والملك : أبو الاعلى المحمودي .

يوم الاسلام : أحمد أمين .

( 108 )

أحد ، واتبعه في ذلك أبو بكر مدة خلافته ، ولكن عمر بن الخطاب اخترع طريقة جديدة وفضل السابقين على غيرهم وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين ، وفضل المهاجرين كافة على الانصار كافة ، وفضل العرب على سائر العجم ، وفضل الصريح على المولى(1) وفضل مضر على ربيعة ، ففرض لمضر ثلاثمائة ولربيعة مائتين(2) وفضل الاوس على الخزرج(3) .

فأين هذا التفضيل من سنة رسول الله ؟ ونسمع عن علم عمر بن الخطاب الكثير الذي لا حصر له حتى قيل أنه أعلم الصحابة وقيل أنه وافق ربه في كثير من آرائه التي ينزل القرآن بتأييدها في العديد من الآيات التي يختلف فيها عمر والنبي صلى الله عليه وآله .

Sayfa 104