The Wisdom of Transactions, Inheritance, Marriage, and Food in the Verses of the Holy Quran
الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم
Türler
ولذلك فإن الله ﵎ كرر التقوى في هذه الآية ثلاث مرات، فالاتقاء الأوّل في قوله: ﴿إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ هو الاتقاء بتلقِّي أمر الله بالقَبُول والتصديق، والدينونة به والعمَل، والاتقاء الثاني في قوله ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا﴾ الاتقاء بالثبات على التصديق، وترك التبديل والتغيير.
بل إن التقوى تصل بالعبد بعد ذلك إلى منزلة المراقبة ومقام الإحسان فقوله: ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا﴾ المراد به: الاتقاء بالإحسان، والتقرُّب بنوافل الأعمال. (^١)
فإن العبد إذا لازم تقوى الله منعته من اقتراف ما حرم الله وامتثال ما أمر.
ولا يفهم من الآية أن العبد إن كان من المتقين فلا جناح عليه أن يقترف المحرمات، بل إن ذلك ينافي التقوى.
فعن ابن عباس ﵄ أنه أتي في عهد عمر بن الخطاب ﵁ برجل من المهاجرين الأولين وقد شرب، فأمر به أن يجلد فقال: لم تجلدني بين وبينك كتاب الله؟ فقال عمر: وأي كتاب الله تجد أن لا أجلدك؟ فقال له: إن الله ﷿ يقول في كتابه: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣)﴾ شهدت مع رسول الله ﷺ بدرا وأحدا والخندق والمشاهد.
فقال عمر: ألا تردون عليه ما يقول فقال ابن عباس: إن هؤلاء الآيات أنزلت عذرا للماضين وحجة على المنافقين لأن الله ﷿ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ الآية، ثم قرأ حتى أنفذ الآية الأخرى فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فإن الله قد نهاه أن يشرب الخمر.
(^١) ﴿انظر: جامع البيان (١٠/ ٥٧٧)، نظم الدرر (٢/ ٥٣٩).
1 / 131