The Story of Life
قصة الحياة
Türler
قصة البقرة
وكَانَتْ مَدِينَتَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ إِحْدَاهُمَا حَصِينَةٌ وَلَهَا أَبْوَابٌ، وَالْأُخْرَى خَرِبَةٌ. فَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْحَصِينَةِ إِذَا أَمْسَوْا أَغْلَقُوا أَبْوَابَهَا وَإِذَا أَصْبَحُوا قَامُوا عَلَى سُورِ الْمَدِينَةِ فَنَظَرُوا، هَلْ حَدَثَ فِيمَا حَوْلَهُ حَدَثٌ؟ فَأَصْبَحُوا يَوْمًا فَإِذَا شَيْخٌ قَتِيلٌ مَطْرُوحٌ بِأَصْلِ مَدِينَتِهِمْ، فَأَقْبَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْخَرِبَةِ فَقَالُوا: أَقَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا؟ وَابْنُ أَخٍ لَهُ شَابٌّ يَبْكِي عِنْدَهُ، وَيَقُولُ: قَتَلْتُمْ عَمِّي، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا فَتَحْنَا مَدِينَتَنَا مُنْذُ أَغْلَقْنَاهَا، وَمَا نُدِينَا (^١) مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ هَذَا بِشَيْءٍ، فَأَتَوْا مُوسَى ﵇، فَأَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى مُوسَى ﷺ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾، قَالُوا: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾؛ نَحْنُ نَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِ هَذَا الْقَتِيلِ، وَأَنْتَ تَقُولُ هَذَا. قَالَ: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ فلا أَقُولُ عَنْهُ غَيْرَ مَا أَوْحَى إِلَيَّ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَجَابَنِي حِينَ سَأَلْتُهُ عَمَّا سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ أَنْ أَسْأَلَهُ فِيهِ.
وَلَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى أَيِّ بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا لَحَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. قَالُوا: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾، فَسَأَلُوا عَنْ سِنِّهَا وعَنْ لَوْنِهَا وعَنْ صِفَتِهَا، فَأُجِيبُوا بِمَا عَزَّ وُجُودُهُ عَلَيْهِمْ؛ حيث أُمِرُوا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ عَوَانٍ -وَهِيَ الْوَسَطُ بَيْنَ الْفَارِضِ وَهِيَ الْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ- ثُمَّ شَدَّدُوا، وَضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَسَأَلُوا عَنْ لَوْنِهَا، فَأُمِرُوا بِصَفْرَاءَ فَاقِعٍ لَوْنُهَا، أَيْ مُشْرَبٍ بِحُمْرَةٍ، تَسُرُّ النَّاظِرِينَ، وَهَذَا اللَّوْنُ عَزِيزٌ. ثُمَّ شَدَّدُوا أَيْضًا فَقَالُوا: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ قَالَ: ﴿إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ وَهَذِهِ الصِّفَاتُ أَضْيَقُ مِمَّا تَقَدَّمَ، حَيْثُ أُمِرُوا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ، لَيْسَتْ بِالذَّلُولِ، وَهِيَ الْمُذَلَّلَةُ بِالْحِرَاثَةِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ بِالسَّانِيَةِ، مُسَلَّمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ أَيْ: لَيْسَ فِيهَا لَوْنٌ يُخَالِفُ لَوْنَهَا. فَلَمَّا حَدَّدَهَا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَحَصَرَهَا بِهَذِهِ النُّعُوتِ وَالْأَوْصَافِ، وجدوها بعد مشقة، ثم قَالُوا: ﴿الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾ وهذا من سوء أدبهم.
(^١) من النَّدَى والبلل.
1 / 106