197
وفي هؤلاء نزل قوله تعالى: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ. بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ. كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ. وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهًا واحِدًا إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ. وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ. ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ). وبعد أن ألح المرض على أبي طالب عم النبي ﷺ وهو الذي كفله صغيرًا، وآزره كبيرًا، وناصره على دعوته، وحماه من عوادي المشركين، دخل عليه النبي ﷺ وعنده أبو جهل، فقال: "أي عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله". فقال أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبدالمطلب؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبدالمطلب. فقال النبي ﷺ: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنه". فنزلت: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، ونزلت: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ). وكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الشِّعْبِ في آخِرِ السَّنَةِ العَاشِرَةِ مِنَ المَبْعَثِ، وذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. وتوفيت بعده بقليل زوج النبي ﷺ، خديجة التي آمنت به إذ كفر به الناس، وآوته إذ رفضه الناس، وصدقته إذ كذبه الناس، ورزقه الله منها الولد. تُوُفِّيَتْ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَدُفِنَتْ ﵂ بِالحَجُونِ في مَقَابِرِ أَهْلِ مَكَّةَ، ونَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في حُفْرَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ صَلَاةُ الجَنَازَةِ شُرِعَتْ،

1 / 218