133

The Story of Civilization

قصة الحضارة

Yayıncı

دار الجيل

Yayın Yeri

بيروت - لبنان

Türler

الباب الخامس
العناصر العقلية في المدنية
الفصل الأول
الآداب
اللغة - بطانتها الحيوانية - أصولها البشرية - تطورها -
نتائجها - التربية - التقليد - الكتابة - الشعر
كانت الكلمة بدايةَ الإنسان لأنه بالكلمة أصبح الإنسان إنسانًا؛ فلولا هذه الأصوات الغريبة التي نسميها أسماء كلية لا نحصر الفكر في الأشياء الجزئية أو الخبرات الجزئية التي يذكرها الإنسان أو يدركها عن طريق الحواس، وخصوصًا حاسة النظر؛ وأغلب الظن أنه لولا هذه الأسماء الكلية لما استطاع الفكر أن يدرك الأنواع باعتبارها متميزة عن الأشياء الجزئية، ولا أن يدرك الصفات متميزة عن أشيائها التي تتصف بها، ولا أن يدرك الأشياء مجردة عن صفاتها؛ إنه لولا الكلمات التي هي أسماء لأنواع لاستطاع الإنسان أن يفكر في هذا الإنسان وهذا وذاك، ولكنه لم يكن ليستطيع أن يفكر في "الإنسان" بصفة عامة، لأن العين لا ترى الأنواع بل ترى الأشياء الجزئية؛ ولقد بدأت الإنسانية حين جلس مِسخّ نصفه حيوان ونصفه إنسان، جلس متربعًا في كهف أو شجرة، يشحذ رأسه شحذًا ليخلق أول اسم من الأسماء الكلية، أول رمز صوتي يدل على طائفة من أشياء متشابهة: كاسم منزل الذي ينطبق على المنازل كلها، وإنسان الذي يدل على أفراد الإنسان جميعًا، وضوء الذي معناه كل ضوء لمع على يابس أو ماء؛ ومنذ ذلك الحين،

1 / 122