The State of Islam in Al-Andalus
دولة الإسلام في الأندلس
Yayıncı
مكتبة الخانجي
Yayın Yeri
القاهرة
Türler
اجتمعوا منذ مقتل زعيمهم كسيلة، في مفاوز المغرب الأقصى، تحت لواء امرأة من قبيلة جراوة يعتقدون فيها السحر والكهانة وتعرف بالكاهنة (١)، وكانت تقيم ملكها في جبل أوراس. فسار حسان لقتالها وخرجت اليه بجموعها، فالتقيا عند نهر نيني، ونشبت بينهما موقعة هائلة هزم فيها العرب هزيمة شديدة، وقتل منهم جمع كبير، وارتد حسان إلى برقة. وسارت الكاهنة شرقا حتى قابس واستولت على كثير من البلاد والحصون، وبسطت سلطانها على معظم إفريقية مدى خمسة أعوام. ولبث حسان في برقة حتى أمده عبد الملك بالجند، فزحف على المغرب ثانية سنة ٧٩هـ (٦٩٨ م)، ولم تر الكاهنة وسيلة لوقفه إلا أن تحول البلاد إلى خراب بلقع، فهدمت جميع المدن والحصون، وأحرقت جميع القرى والضياع الواقعة في طريق المسلمين، ولكن ذلك لم يثن حسانا عن عزمه، فتابع سيره حتى أقاصي المغرب في وهاد ومفاوز صعبة. وكان البربر قد سئموا نير الكاهنة وعسفها، فهرع الكثير منهم إلى حسان يطلبون حمايته، وتفرقت جموع الكاهنة، وأدركها المسلمون بجبل أوراس فمزقت جموعها وقتلت. واستأمن البربر على الإسلام والطاعة، وأن يمدوا المسلمن باثنى عشر ألف مقاتل. وولى حسان جبل أوراس ابنَ الكاهنة بعد أن استوثق من طاعته، ثم عاد إلى القيروان بعد أن محق كل مقاومة وقضى على كل نزعة إلى الخروج والثورة (٢).
ولبث حسان بن النعمان بإفريقية حينا، ينظم شؤونها العسكرية والإدارية
والمالية، وينشئ الدواوين ويرتب الخراج والجزية، ويوطد سلطان الحكم الجديد
في الثغور والنواحى. ثم جدد مدينة القيروان وأنشأ بها المسجد الجامع (٣)، ولبث
_________
(١) ويسميها ابن خلدون دهيا بنت ماتية بن تيفان (ج ٦ ص ١٠٩) ويسميها بعض المؤرخين الأوربيين داميا؛ راجع Aschbach: Geschicchte der Omaijaden in Spanien. B. ١.٢١
(٢) ابن الأثير ج ٤ ص ١٤٤، وابن خلدون ج ٦ ص ١٠٩. وفي روايته من حيث التاريخ شيء من التناقض، فهو يؤرخ غزوة حسان الأولى وفتح قرطاجنة بسنة ٧٩هـ ثم يؤرخ حرب الكاهنة المرة الثانية بعد أن يذكر أنها لبثت تحكم افريقية خمسة أعوام بسنة ٧٤هـ - ولعل هذا تحريف في النقل أو الطبع، إذ يقتضي أن يكون هذا التاريخ طبقا لرواية ابن خلدون هو سنة ٨٤هـ. ولكن ابن عبد الحكم وهو أقدم رواية وثيقة يؤرخ غزوة حسان الأولى بسنة ٧٣هـ ويؤرخها ابن الأثير بسنة ٧٤هـ - وينقض رواية ابن عبد الحكم عن مقتل الكاهنة تاريخ هذه الواقعة (ص ٢٠١).
(٣) ابن خلدون ج ٦ ص ١١٠، وابن عبد الحكم ص ٢٠١.
1 / 22