The Sealed Nectar with Additions
الرحيق المختوم مع زيادات
Yayıncı
دار العصماء
Baskı Numarası
الأول
Yayın Yılı
١٤٢٧
Yayın Yeri
دمشق
Türler
ولا شك أن سبب هذا الانعزال لم يكن هو ما آبداه هذا المنافق من رفض رسول الله ﷺ رأيه، وإلا لم يكن لسيره مع الجيش النبوي إلى هذا المكان معنى. بل لو كان هذا هو السبب لا نعزل عن الجيش منذ بداية سيره، بل كان هدفه الرئيسي من هذا التمرد- في ذلك الظرف الدقيق- أن يحدث البلبلة والاضطراب في جيش المسلمين على مرأى ومسمع من عدوهم، حتى ينحاز عامة الجيش عن النبي ﷺ، وتنهار معنويات من يبقى معه، بينما يتشجع العدو، وتعلو همته لرؤية هذا المنظر، فيكون ذلك أسرع إلى القضاء على النبي ﷺ وأصحابه المخلصين، ويصحو بعد ذلك الجو لعودة الرياسة إلى هذا المنافق وأصحابه.
وكاد المنافق ينجح في تحقيق بعض ما كان يهدف إليه، فقد همت طائفتان- بنو حارثة من الأوس، وبنو سلمة من الخزرج- أن تفشلا، ولكن الله تولاهما، فثبتنا بعد ما سرى فيهما الاضطراب وهمتا بالرجوع والانسحاب، وعنهما يقول الله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٣: ١٢٢) .
وحاول عبد الله بن حرام- والد جابر بن عبد الله- تذكير هؤلاء المنافقين بواجبهم في هذا الظرف الدقيق، فتبعهم وهو يوبخهم ويحضهم على الرجوع، ويقول تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع. فرجع عنهم عبد الله بن حرام قائلا: أبعدكم الله، أعداء الله، فسيغني الله عنكم نبيه.
وفي هؤلاء المنافقين يقول الله تعالى: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (٣: ١٦٧) .
بقية الجيش الإسلامي إلى أحد:
وبعد هذا التمرد والانسحاب قام النبي ﷺ ببقية الجيش- وهم سبعمائة مقاتل- ليواصل سيره نحو العدو، وكان معسكر المشركين يحول بينه وبين أحد في مناطق كثيرة، فقال: «من رجل يخرج بنا على القوم من كثب (أي من قريب) من طريق لا يمر بنا عليهم»؟
فقال أبو خيثمة: أنا يا رسول الله، ثم اختار طريقا قصيرا إلى أحد يمر بحرة بني حارثة وبمزارعهم، تاركا جيش المشركين إلى الغرب.
1 / 187