من قراءة القرآن الكريم لا نعلم له أصلًا، ولا ينبغي اعتياده، بل هو على القاعدة الشرعية من قبيل البدع إذا اعتقد أحد أنه سنة، فينبغي ترك ذلك، وأن لا يعتاد ذلك.
وأما الآية: ﴿قُلْ صَدَقَ اللَّهُ﴾ فليست في هذا الشأن، وإنما أمره الله أن يبين لهم صدق الله فيما بيَّنه في كتبه العظيمة من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بيَّن لعباده في التوراة والإنجيل وسائر الكتب المنزلة.
كما أنه صادق سبحانه فيما بيَّنه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلًا على أنه مستحب أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن أو بعد قراءة آيات، أو قراءة سورة، وليس هذا ثابتًا ولا معروفًا عن النبي ﷺ، ولا عن صحابته رضوان الله عليهم، ولما قرأ ابن مسعود على النبي ﷺ أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ (^١) قال له النبي: "حسبك". قال ابن مسعود: "فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان" (^٢) ﵊، أي يبكي لما تذكر هذا المقام العظيم يوم القيامة، وهو المذكور في هذه الآية العظيمة وهي قوله سبحانه: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ﴾ أي: يا محمد ﴿عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ أي: على أمته ﵊.
(^١) سورة النساء، الآية (٤١).
(^٢) رواه البخاري في فضائل القرآن برقم (٥٠٥٠)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها برقم (٨٠٠).