159

The Quranic Phenomenon

الظاهرة القرآنية

Araştırmacı

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Yayıncı

دار الفكر

Baskı Numarası

الرابعة

Yayın Yılı

١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م

Yayın Yeri

دمشق سورية

Türler

لا يرد فيه الضمير المحمدي إلا بصورة المفرد المخاطب، يمكن أن نزيدها وضوحًا. فهناك في الواقع آيات يلفت انتباهنا إليها صورتها الغريبة، لما تمثل فيها الذات المحمدية من دور فريد. وهاك مثلًا على ذلك، قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ..﴾ [سورة يونس ٢٢/ ١٠] ففي هذه الآية نجد أن الانتقال غير العادي من ضمير (كم) إلى ضمير (هم) جدير بالملاحظة، لأنه لا يمكن أن يكون خطأ نحويًا، إذ لا يمكن أن يتصور في ذلك الأسلوب الأدبي الكامل الذي يعد البرهان العظيم على دعوة النبي ﷺ، فلو كان في الآية خطأ لكان تصحيحه بعد قليل أمرًا ضروريًا وسهلًا وممكنًا. فإذا لم يقع هذا من النبي الذي كان يقرأ القرآن، لنفسه ولصحابته، فإنه يستتبع ألا يكون الخروج على القاعدة المطردة خطأ عنده، وهو يشهد بأن (محمدًا) لم يكن لديه أي مقدرة على التصرف في النص القرآني. وفضلًا عن ذلك، فلسنا نعالج هنا هذه المسألة في صورتها الأدبية، وإنما نعالجها من الوجهة النفسية التحليلية. فنحن نلاحظ في هذا الخروج عن المألوف أن الذات المحمدية تتمثل في وضوح وعلى التوالي في دورين مختلفين، فهي مخاطب مقصود مباشرة داخل في ضمير المخاطبين الذين يتوجه إليهم الخطاب، ثم إنها تصير شاهدًا غير مقصود مباشرة، موضوعًا بصفة طارئة أمام مشهد عبر عنه القرآن بضمير الغائبين، هذا الانتقال غير المتوقع يستتبع حالتين نفسيتين لا يمكن أن تنتج الثانية منهما إلا من الأولى، أو هي نفسها هذا الحل، إذا ما تمثلنا ذلك في ذات معينة، هي هنا ذات محمد.

1 / 164