The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

Salah Al-Khalidi d. 1443 AH
146

The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

Türler

شَدَّدَ اللهُ ملكَه وقَوّاه، وآتاهُ اللهُ الحكمة، وهي الفهمُ والعقلُ والصواب، كما آتاهُ فَصلَ الخطاب، وهو منعُ الخلافِ والجدالِ والنزاع، بين المتخاصمَيْن المحتكِمَيْن عنده، حيثُ يُصْدِرُ حُكْمَهُ الذي يَحُلُّ المشكلة، ويُنهي الأَمْر!. وكان يساعِدُه في أَحكامِه ابْنُه سليمان، الذي آتاهُ اللهُ الحكمةَ والعلمَ والفهم، وبذلك أُضيفَتْ حكمتُه إِلى حكمةِ أَبيه، وأُضيفَ عِلْمُه إِلى عِلْمِ أَبيه.. وإِذا دَعت الحاجةُ استدركَ الابنُ على حُكْمِ أَبيه، وتَقَبَّلَ الأَبُ استدراك الابنِ وحُكْمَه بِرضًا، وأَمْضى حُكْمَه!. وهذا ثَناءٌ على داودَ في فَهْمِه وحُكْمِه وعِلْمِه، وليس اتِّهامًا له بالضعفِ والغفلةِ والجَهْل، كما ظَنَّ الفادي الجاهل. وقد أَشارت الآيتانِ من سورةِ الأَنبياءِ إِشارةً مجملةً مبهمةً إِلى حادثةٍ مُعَيَّنَة، احتكمَ فيها خَصمانِ إلى داودَ ﷺ، ثم استدركَ عليه ابنُه سليمان، فَقَبلَ الأَبُ حُكْمَه وأَمْضاه. احتكمَ إِلى داودَ رَجُلانِ في قضيةِ الحَرْثِ والغَنَم، والحرثُ هو الزَّرْع، فدخلتْ غنم صاحب الغنم إلئ ذلك الزرع، ونَفَشَتْ فيه لَيْلًا، واشتكى صاحبُ الزرعِ على صاحبِ الغنمِ عندَ داودَ ﷺ، فحكمَ داودُ بحُكْمٍ لم تذكُرْه الآيَتان، واستدركَ سليمانُ على حُكْم أَبيه، وأصدرَ هو حُكْمًا فَهَّمَه اللهُ إِيّاه، وكان هو الحكمَ الأَصَحّ!! ونُلاحظُ أَنَّ الكلامَ في الآيتيْن مجملٌ مختصرٌ مُبْهَم، لم يَذكُرْ تفَاصيلَ القضيةِ المعروضَة، ولا حُكْمَ داودَ في القضية، ولا كيفيةَ استدراكِ سليمان، ولا حُكْمَه فيها. ولا يوجَدُ عندنا حديثٌ صحيحٌ مرفوعٌ لرسولِ الله ﷺ، يُضيفُ شيئًا إِلى ما وَرَدَ في القرآن. وقد وردَتْ روايةٌ موقوفةٌ على ابن عباسٍ ﵄، يُمكنُ أَنْ " نستأنسَ " بها في تَصَوّرِ المسألة. قالَ ابنُ عباس: دَخَلَ رجلانِ على داود، أَحَدُهما صاحبُ حَرْث، والآخَرُ صاحب غَنَم. فقال صاحبُ الحَرْث: إِنَّ هذا أَرسلَ غَنَمَهُ في حَرْثي، فلم يُبْقِ من حَرثي شيئًا!.

1 / 152