The Prophetic Biography's Dynamic Approach
المنهج الحركي للسيرة النبوية
Yayıncı
مكتبة المنار-الأردن
Baskı Numarası
السادسة
Yayın Yılı
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
Yayın Yeri
الزرقاء
Türler
إمعانا في السرية والبعد عن الأنظار. والطريق الذي اختاره للمدينة بعد ذلك هو غير الطريق العادي الذي يمضي به الناس إليها (وسلك طريقا لم يكن يسلكه أحد إلا نادرا) وكما يحدثنا أبو بكر ﵁ عن هذا الطريق بقوله: أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة، وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس فنزلنا عنده، وسويت للنبي ﷺ مكانا بيدي ينام عليه وبسطت عليه فروة. وقلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك. فنام، وخرجت أنفض ما حوله).
فالطريق خالية والناس قلما يمرون فيها. فكم كان هذا الدليل ماهرا خريتا وهو يسير بهم في كل صوب حتى يقودهم إلى المدينة؟ إن الجهد البشري في عالم الأسباب إذا كان من غير رجال الدعوة أصلا، فلا يجوز أن يسبق رجال الدعوة فيه بحجة الاعتماد على الله والتوكل عليه، وإذا كان سيد الخلق قد فعل ذلك وهو المصنوع على عناية الله وفي رعايته، فلا شك أننا نحن أولى بذلك.
ن - سراقة والتعامل معه:
ومن الجهد البشري في الاحتياط كذلك ما كان يفعله أبو بكر ﵁ (فجعل أبو بكر يسير أمامه، فإذا خشي أن يؤتى من خلفه سار خلفه. فلم يزل كذلك مسيره) ومع هذا الاحتياط فقد لحق سراقة بن مالك برسول الله ﷺ طمعا في الجائزة وكما يروي: (.. فدنوت منهما حتى إني لأسمع قراءة رسول الله ﷺ ثم ركضت الفرس فوقعت بمنخريها، فأخرجت قداحي من كنانتي فضربت بها: أضره أم لا أضره؟ فخرج: لا تضره، فأبت نفسي حتى أتبعه، فأتيت ذلك الموضع فوقعت الفرس. فاستخرجت يديه مرة أخرى، فضربت بالقداح أضره أم لا، فخرج لا تضره فأبت نفسي حتى إذا كنت منه بمثل ذلك الموضع خشية أن يصيبني ما أصابني بأذيته، فقلت: إني أرى سيكون لك شأن فقف أكلمك). فوقف النبي ﷺ فسأله أن يكتب له أمانا فكتب له أمانا). وفي رواية البخاري (١) فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي
(١) من رواية الإمام أحمد وأورده البخاري في صحيحه ج ٥/ ٧٧.
1 / 195