The Prophetic Biography in Light of the Qur'an and Sunnah
السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة
Yayıncı
دار القلم
Baskı
الثامنة
Yayın Yılı
١٤٢٧ هـ
Yayın Yeri
دمشق
Türler
إباء النبي ﷺ أن يكون له الصفا وغيره ذهبا
ولو أن النبي صلوات الله وسلامه عليه رغب في أن تكون له الصفا وبطحاء مكة ذهبا لأجابه الله سبحانه، ولكن من أدّبه ربه فأحسن تأديبه وكمّله عقلا وخلقا، واصطفاه رحمة للعالمين، ما هو بالذي يسأل هذا، وإنما يسأله الحمقى والجهلاء، وحاشاه منهما، وقد رغب ﷺ عن زخارف الحياة، وزهد في الدنيا زهد القادر عليها، لا زهد العاجز عنها، أو المحروم منها، ليكون في ذلك القدوة الحسنة للحكام، وولاة الأمور، الذين يكتنزون الأموال ورعاياهم جائعة عارية محرومة، وقد روى أبو أمامة عن النبي ﷺ قال: «عرض علي ربي ﷿ أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: يا رب، أشبع يوما، وأجوع يوما، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك»، رواه أحمد- وهذا لفظه- والترمذي وقال: هذا حديث حسن.
الحكمة في أنهم لم يجابوا لما طلبوا
والله ﷾ لم يجبهم على ما سألوا- وهو القادر على كل شيء- لأنهم لم يسألوا مسترشدين وجادين، وإنما سألوا متعنتين ومستهزئين، وقد علم الحق سبحانه أنهم لو عاينوا وشاهدوا ما طلبوا لما آمنوا، وللجّوا في طغيانهم يعمهون، ولظلوا في غيهم وضلالهم يترددون، قال سبحانه:
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ «١» (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١ «٢» .
(١) لا: زائدة.
(٢) الايات ١٠٩- ١١١ من سورة الأنعام.
1 / 319