The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses
السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية
Türler
إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤)﴾ [مريم: ١٦ - ٣٤].
ونحن فقط نقرأ النص نتلمس فيه مواضع الإرهاص، مع المقارنة عند الضرورة ببقية النصوص، إذ ليس المقصود تفسير هذه الآيات إلا ما يتعلق بالسيرة ولولا إقرار هذا الأساس الثابت في فهم سيرة النبي ﷺ، لم يكن لهذه القصة بنا تعلق.
إن أول ما يصادفنا في الآيات الكريمات هو تمثل الملك - روح القدس - المعبر عنه بروحنا (١) بشرًا وفيها أن الله جل وعلا يمكن أن يرسل لامرأة فضلًا عن رجل يوحي إليه بملك، وأن يكون الملك هو جبريل ويأتي في صورة الإنسان السوي، يخاطب فيها الإنس جهارًا بما شاء من أمر الله، أو أن يوقع بهم مراد الله تعالى، وفي حق مريم يقول: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩)﴾، أفلا يُعد مجيء جبريل على هذا النحو إرهاصًا يبشر بعيسى وإيذانًا بحلوله هذا العالم، حيث يؤكده أنه جاء ليهبها الغلام الزكي ﵇، فهو توطئة لمجيء السيد المسيح وقد هالها ﵍ وكبر عليها أن تلد لغير زوج وهي من هي شرفًا وطهرًا وقنوتًا لله تعالى، وكان رد جبريل ﵇ الذي يجب أن يصفع به في وجه العلمانيين والماديين والعقلانيين، (كذلك قال ربك هو علي هين)، فمثل هذه الإرهاصات وغيرها يعد بعيدًا في نظرهم العقلي القاصر سهل على أمر الله، لا راد لقوله ولا معقب لحكمه، إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون.
(١) التحريم: ١٢.
1 / 159