The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses
السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية
Türler
أرفعهم درجات، كما في قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ ....﴾ [البقرة: ٢٥٣] فكان هو ﷺ بهذا التقسيم للآية ممن رفع الدرجات، وقصة الإسراء والمعراج في القرآن نفسه تبين أن أحدًا منهم عليهم الصلاة والسلام لم يصل إلى درجته، علاوة على أنه ﷺ أفضل أولي العزم، ويوسف ﵇ ليس من أولي العزم أصلًا، فكان ذلك دليلًا على أنه ﷺ أولى من يوسف ﵇ والأنبياء كافة ألا يكون للشيطان عليه أدنى سبيل، وأولو العزم من الرسل المذكورون في القرآن الكريم جمعتهم الآية الكريمة: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)﴾ [الأحزاب: ٧] ودل سياق الآية لتقديم النبي ﷺ في الذكر على تقديمه في المرتبة، بدليل الترتيب الزمني بعد ذلك لبقية النبيين عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام، ونبادر فنقول إن الدراسة والأدلة التي أدت إلى تقديمه وتفضيله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام - ليس تنقيصًا لأحدهم عياذًا بالله - ولكنها تقرير لذلك الواقع الذي أدى إليه البحث، وقاد إليه الدليل (١) بإعطاء كل منهم ما أعطاه الله تعالى من الفضل، مع استوائهم جميعًا في العصمة محل البحث.
وفي سياق إيراد ما يشابه ذلك الآيات نرى قوله تعالى عن إبليس: ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)﴾، وهذا تأكيد جديد بقوله لأحملنهم جميعًا على الغَواية إلا عبادك الذين أخلصتهم لعبادتك وطاعتك، وطهرتهم من الشوائب فلا يعملُ فيهم كيدي، أو هم (بفتح اللام) الذين أخلصوا نفوسهم وعبادتهم
(١) لذلك قال: "لا تخيروا بين الأنبياء ... "، رواه البخاري (٢٢٣٥)، ومسلم (٤٣٧٨)، وأبوداود (٤٠٤٨)، كلهم عن أبى سعيد رضى الله عنه.
1 / 123