The Prophetic Biography and the Call in the Civil Era
السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
Yayıncı
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى ١٤٢٤هـ
Yayın Yılı
٢٠٠٤م
Türler
النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة
إن ترك موطن الصبا والبعد عن الأهل والأحبة إلى مكان جديد لشاق على النفس يحتاج إلى تفهم لسببه، واقتناع بأهميته، والوقوف على الغايات السامية التي تقتضيه.
وكان رسول الله ﷺ يعلم صعوبة الأمر بالهجرة على أصحابه ولذلك تدرج في أمرهم بالهجرة، وإخبارهم بمكانها ووجهتها.
ففي البداية قال النبي ﷺ لأصحابه: "إني أريت دار هجرتكم، ذات نخل بين لابتين"١.
فبدأهم بأنها رؤيا منامية، ورؤيا الأنبياء حق، ولم يحدد لهم مكان الهجرة لتنشغل نفوسهم بالبحث عنها والتفكير في شأنهم معها، وليعلموا أنها حصينة لوصفها بأنها بين لابتين، وغنية لأنها ذات نخل.
وقد ظن الصحابة بعد أن أخبرهم الرسول ﷺ برؤياه تلك أنها اليمامة٢.
أو هجر٣، أو يثرب٤، أو قنسرين٥ لوجود الصفات التي أخبرهم بها رسول الله ﷺ فيها، ومع هذا الظن لم يتصرفوا من تلقاء أنفسهم وإنما انتظروا تحديد دار هجرتهم من رسول الله ﷺ ويبدو أن هذا التحديد تم بعد مراحل تمهيدية.
ففي المرحلة الأولى أخبرهم النبي ﷺ برؤياه.
يحدث أبو موسى الأشعري أن البداية كانت في قول النبي ﷺ: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة، أو هجر
_________
١ صحيح البخاري كتاب المناقب ج٦ ص٢٠٨، واللابة الأرض الصخرية المرتفعة، وهي الحرة.
٢ اليمامة تقع في الجنوب الغربي لجزيرة العرب. فتحها خالد بن الوليد وقتل فيها مسيلمة سنة ١٢هـ.
٣ بلد معروف بالبحرين يسكنها عبد القيس، وبها كانت تصنع القلال التي كانت تباع بالمدينة.
٤ هي مدينة رسول الله ﷺ وقد سماها ﷺ بعد الهجرة طابة وطيبة.
٥ قنسرين بكسر القاف وفتح النون الأولى مشددة، وهي إحدى مدن بلاد الشام.
1 / 57