The Promised Generation for Victory and Empowerment
الجيل الموعود بالنصر والتمكين
Yayıncı
دار الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Yayın Yeri
مصر
Türler
- التزهيد في الدنيا:
كان ﷺ حريصًا على تزهيد الصحابة في الدنيا، وعدم تعلقهم بها .. عن جابر ﵁ أن رسول الله ﷺ مرَّ بالسوق والناس كَنَفتيه - أي عن جانبيه - فمر بجدي أسكّ ميت، فتناوله، أخذ بأذنه، ثم قال: (أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟) فقالوا: " ما نحب أنه لنا بشئ، وما نصنع به؟ " ثم قال: (أتحبون أنه لكم؟) قالوا: " والله لو كان حيًا كان عيبًا، أنه أسكُّ، فكيف وهو ميت! " فقال: (فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم) (١).
تخيل معي مدى تأثير هذا الموقف على الحاضرين من الصحابة، وكيف سيتعاملون مع الدنيا بعد ذلك؟!
وفي يوم من الأيام امتلأ المسجد في صلاة الفجر بالصحابة - رضوان الله عليهم - فعرف رسول الله ﷺ أن الكثير منهم جاء من أماكن بعيدة وذلك لعلمهم بأن أبا عبيدة بن الجراح قدم بمال من البحرين، فتبسم ﷺ حين رآهم ثم قال: (أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء) قالوا: أجل يا رسول الله، قال (فأبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) (٢).
وعندما بعث معاذ بن جبل ﵁ إلى اليمن قال له: (إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين) (٣).
- تزكية النفس:
أما في مجال تزكية النفس من قابليتها للفجور، ومن الشح المجبولة عليه .. فنجده ﷺ يوجه أصحابه للأعمال التي بها تتزكى أنفسهم، وتُروض على الصدق والإخلاص لله ﷿، والأحاديث في هذا الباب كثيرة،،، منها قوله ﷺ: (من تعظم في نفسه، واختال في مشيته، لقى الله وهو عليه غضبان) (٤).
وقوله: (من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله جهنم) (٥).
وفي الصحيحين أنه قد دخل عليه يومًا أبو موسى الأشعري ورجلان من بني عمه، فقال أحدهما: يا رسول الله أمّرنا على بعض ما ولاك الله ﷿، وقال الآخر مثل ذلك، فقال ﷺ: (إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا سأله، أو أحدًا حرص عليه).
هذا من ناحية حماية أصحابة من أنفسهم وغلق أبواب الفتنة أمامها، أما دلالته لهم على أعمال تُقَوِّي إخلاصهم لله ﷿ فكثيرة منها قوله ﷺ: (من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل) (٦).
وفي مجال علاج النفس من الشح المجبولة عليه، كان ﷺ يستحث أصحابه دومًا على الإنفاق في سبيل الله .. انظر إليه ﷺ وهو يقول لبلال ﵁: (انفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالا) (٧).
_________
(١) رواه مسلم، وأسك أي صغير الأذن.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه الإمام أحمد عن معاذ وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (٢٦٦٨).
(٤) أخرجه الإمام أحمد عن ابن عمرو وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (٦١٥٧).
(٥) أخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (٦١٥٨).
(٦) صحيح، أخرجه الضياء والخطيب البغدادي غن الزبير، وأورده الألباني في صحيح الجامع، رقم (٦٠٨١).
(٧) أخرجه الإمام أحمد في كتاب الزهد.
1 / 57