مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

Malek Bennabi d. 1393 AH
85

مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

Yayıncı

دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر

Baskı Numarası

١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١

Yayın Yeri

دمشق سورية

Türler

وهنا فإننا سنحاول عزل الفواصل في صراع الفكرة والشيء وذلك لمعناه الاجتماعي الخاص. هذه العلاقة لا تجد تعبيرها فحسب في المجتمع الإسلامي الذي يواجه في هذه الآونة (الشيئية) وسائر نتائجها النفسية والاجتماعية، بل يمكن اعتبارها أيضًا بالنسبة للمجتمع المتحضر وسيلة تحليل لوضعه الحاضر؛ من وجهة النظر النفسية الاجتماعية. فكل فكرةٍ جاهزةٍ في أوربة وتتمحور بقليلٍ أو كثيرٍ حول موضوعنا تستطيع أن تثيرنا، وهي تثيرنا بالرغم من تناقضاتها أحيانًا. فالمشكلة في الواقع ذات وجهٍ مزدوج. ففي بلدٍ متخلفٍ يفرض الشيء طغيانه بسبب ندرته، تنشأ فيه عقد الكبت والميل نحو التكديس الذي يصبح في الإطار الاقتصادي إسرافًا محضًا. أما في البلد المتقدم وطبقًا لدرجة تقدمه: فإن الشيء يسيطر بسبب وفرته وينتج نوعًا من الإشباع. إنه يفرض حينئذ شعورًا لايحبهل من السأم البادي من رتابة ما يرى حوله فيولد ميلًا نحو الهروب، ذلك الهروب إلى الأمام الذي يدفع الإنسان المتحضر دائمًا إلما تغيير إطار الحياة والموضة، أو يدفعه إلى الذهاب ليستنشق الهواء في مكانٍ آخر. إن نظام الإجازات المدفوعة ليس سوى ثمن هذا المركز الذي تحتله الأشياء؟ إنه الدواء المسكِّن لداء عدم الاستقرار الذي يقود المجتمع الاستهلاكي. إن المجتمع المعدم يتفاعل مع الكلف بعالم الأشياء الذي لا يملكه، أما المجتمع المليء فإنه يتفاعل مع وساوس هذا العالم.

1 / 86