The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
Yayıncı
دار الكلمة
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Türler
انقضت لذتهم من التلاوة ولا ملت أبدانهم من طول العبادة، فأصبح الفريقان وقد ولى عنهم الليل وبربح وغبن.
أصبح هؤلاء قد ملوا النوم والراحة، وأصبح هؤلاء متطلعين إلى مجيء الليل للعبادة - شتان بين الفريقين.
فاعملوا لأنفسكم رحمكم الله في هذا الليل وسواده فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار والمحروم من حرم خيرهما وإنما جعلا سبيلًا للمؤمنين إلى طاعة ربهم ووبالًا على الآخرين للغفلة عن أنفسهم فأحيوا لله أنفسكم بذكره فإنما تحيا القلوب بذكر الله. كم من قائم في هذا الليل قد اغتبط بقيامه في حضرته وكم من نائم في هذا الليل قد ندم على طول نومه عندما يرى من كرامة الله ﷿ للعابدين غدًا فاغتنموا ممر الساعات والليالي والأيام رحمكم الله" (١) .
فهذا الرجل كان يقول: الإيمان هو الاعتقاد والإقرار فقط، لكن هل يتصور منه أن يقول: إن مجرد التصديق القلبي دون قول ولا عمل كاف في النجاة عند الله، أم إن القضية عنده شبهة نظرية مجردة لم يكن لها أي مدلول واقعي إلا الهروب من تكفير صاحب المعصية الذي وقعت فيه الخوارج؟
غير إن هذا القول نفسه قاله بعض الدعاة المعاصرين امتدادًا لظاهرة الإرجاء العامة وقد ذكرنا كلامهم في موضعه.
• الثاني: معالجة واقع الدعوة الإسلامية المعاصرة، فالمشاهد اليوم أن أصحاب الدعوة ينقسمون غالبًا - فريقين -، وكل فريق تتوزعه فرق وآراء واجتهادات:
- أحدهما: فطن إلى أصل القضية ومكمن الدواء فأراد أن يصحح الأصول ويجلي بديهيات الدين ويربط ذلك بالعمل وضرورته لكنه سلك في سبيل ذلك حرفة عقيمة في الفهم، وإشارة موغلة في الغلو ظانًا أن هذا هو منهج العزيمة والاستقامة، فوقع في طامة التكفير - أعني تكفير أعيان عوام المسلمين من المخالفين -.
وهكذا نفر من بدعة ليقع في بدعة شر منها وسد على نفسه منافذ الاتصال بالناس وإيصال الحق لقلوبهم فتحولت دعوته إلى نظرة عميقة تتآكل كل يوم وتفرز بدعًا جديدة واستتبع ذلك انحرافًا خطيرًا في منهج التلقي
_________
(١) منقول من الحلية الموضع السابق.
1 / 12