وجوب العمل بسنة الرسول ﷺ وكفر من أنكرها
وجوب العمل بسنة الرسول ﷺ وكفر من أنكرها
Yayıncı
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية ١٤٢٠هـ
Türler
[المقدمة]
وجوب العمل بسنة الرسول ﷺ وكفر من أنكرها تأليف سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ﵀
Bilinmeyen sayfa
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد المرسل رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وعلى آله وأصحابه الذين حملوا كتاب ربهم سبحانه وسنَّة نبيهم ﷺ إِلى من بعدهم، بغاية الأمانة والإتقان، والحفظ التام للمعاني والألفاظ ﵃ وأرضاهم - وجعلنا من أتباعهم بإِحسان.
أما بعد: فقد أجمع العلماء قديمًا وحديثًا على أن الأصول المعتبرة في إِثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من
1 / 3
بين يديه ولا من خلفه، ثم سنَّة رسول الله ﵊ الذي لا ينطق عن الهوى إِن هو إِلا وحي يوحى، ثم إِجماع علماء الأمة، واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها القياس وجمهور أهل العلم على أنه حجة إِذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر:
[الأصول المعتبرة في إِثبات الأحكام]
[الأصل الأول كتاب الله العزيز]
أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز، وقد دل كلام ربنا ﷿ في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به والوقوف عند حدوده قال تعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٣] وقال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٥]
1 / 4
وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: ١٥ - ١٦] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ - لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤١ - ٤٢] وقال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وقال تعالى: ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [إبراهيم: ٥٢] والآيات في هذا المعنى كثيرة وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله ﷺ آمرة بالتمسّك بالقرآن والاعتصام به دالة على أن من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على
1 / 5
الضلال ومن ذلك ما ثبت عنه ﷺ أنه قال في خطبته في حجة الوداع: «إِنِّي تاركٌ فيكُمْ مَا لَنْ تضلوا إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللهِ»، رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إِنِّي تارك فِيكُمْ ثِقْلَين أَوَّلهُما كِتابُ الله فيهِ الهُدَى والنُّور فَخُذوا بِكتَابِ اللهِ وَتَمَسّكُوا بِهِ»، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: «وَأَهْلُ بَيْتي أذَكِّركُمُ الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي»، وفي لفظ قال في القرآن: «هو حبل الله من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال» .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي إِجماع أهل العلم والإِيمان من الصحابة ومن بعدهم على
1 / 6
وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إِليه مع سنة رسول الله ﷺ ما يكفي ويشفي عن الإِطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.
[الأصل الثاني ما صح عن رسول الله ﷺ وأصحابه ومن بعدهم] من أهل العلم والإِيمان
[مما ورد في ذلك من الآيات]
أما الأصل الثاني: - من الأصول الثلاثة المجمع عليها فهو ما صح عن رسول الله ﷺ وأصحاب النبي ﷺ ومن بعدهم من أهل العلم والإِيمان، يؤمنون بهذا الأصل الأصيل ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة، فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته، وذلك موجه إِلى أهل عصره ومن بعدهم لأنه رسول الله إِلى الجميع، ولأنهم
1 / 7
مأمورون باتباعه وطاعته حتى تقوم الساعة، ولأنه ﵊ هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنَّة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٢] وقوله تعالى في سورة النساء:
1 / 8
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩]
وقال تعالى في سورة النساء أيضًا: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: ٨٠] وكيف تمكن طاعته ورد ما تنازع فيه الناس إِلى كتاب الله وسنَّة رسوله إِذا كانت سنَّته لا يحتج بها أو كانت كلها غير محفوظة، وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إِلى شيء لا وجود له وهذا من أبطل الباطل ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به، وقال ﷿ في سورة النحل: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤]
1 / 9
وقال فيها أيضًا آية: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤] فكيف يكل الله سبحانه إِلى رسوله ﷺ تبيين المنزل إِليهم وسنَّته لا وجود لها أو لا حجة فيها؟ ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: ٥٤] وقال تعالى في السورة نفسها: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [النور: ٥٦]
وقال في سورة الأعراف:
1 / 10
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٨]
وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهداية والرحمة في اتباعه ﵊ وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنَّته أو القول بأنه لا صحة لها أو لا يعتمد عليها، وقال ﷿ في سورة النور: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣] وقال في سورة الحشر: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على وجوب طاعته ﵊ واتباع ما جاء به كما
1 / 11
سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتاب الله والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه وهما أصلان متلازمان من جحد واحدًا منهما فقد جحد الآخر وكذب به وذلك كفر وضلال وخروج عن دائرة الإِسلام بإجماع أهل العلم والإِيمان.
[مما ورد في ذلك من الأحاديث عن رسول الله ﷺ]
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ في وجوب طاعته واتباع ما جاء به وتحريم معصيته وذلك في حق من كان في عصره وفي حق من يأتي بعده إِلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقد أَطَاعَ الله ومَن عَصَانِي فقد عَصَى الله»، وفي صحيح البخاري عنه ﵁ أن النبي ﷺ قال: «كلّ أمَّتي يَدخُلونَ
1 / 12
الجنةَ إِلا مَن أَبَى قِيلَ يا رسولَ اللهِ ومَن يَأبَى قَالَ مَن أَطَاعَني دَخَلَ الجنة ومَن عَصَاني فَقد أَبَى»، وخرج أحمد وأبو داود، والحاكم بإِسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله ﷺ أنه قال: «أَلا إٍني أوتِيتُ الكِتابَ ومِثْلَه مَعَهُ أَلا يُوشِكُ رَجلٌ شَبْعانُ على أريكَتِهِ يَقولُ عَليكمْ بِهذا القُرآنِ فَما وَجَدْتُمْ فيهِ مِن حَلال فأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُم فيِه مِن حَرامٍ فَحَرِّمُوهُ» .
وخرج أبو داود، وابن ماجه بسند صحيح: عن ابن أبي رافع عن أبيه عن النبي ﷺ قال: «لا أَلْفَينَّ أَحَدَكُم مُتّكِئًا عَلى أَريكتِهِ يَأتِيهِ الأمْرُ مِن أَمْري مَمّا أَمَرْتُ بِهِ أو نَهَيْتُ عَنْهُ فَيقولُ لا ندْري، ما وَجَدْنا في كِتابِ اللهِ اتَّبَعْنَاه» .
1 / 13
وعن الحسن بن جابر قال سمعت المقدام بن معدي كرب ﵁ يقول: «حَرّمَ رَسولُ الله ﷺ يومَ خَيْبَر أَشْياءَ ثم قَالَ يُوشِكُ أَحَدُكُم أَن يُكذِّبَني وَهو مُتّكِئ يُحًدّث بحدِيثي فَيقولُ بَيْنَنا وَبَيْنكُم كِتابُ اللهِ فما وَجَدْنَا فِيهِ من حَلالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنا فيه من حَرام حَرّمْنَاهُ أَلا إِنَّ مَا حَرّمَ رسُولُ اللهِ مِثْلُ مَا حَرّمَ الله» أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجه بإِسناد صحيح. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته أن يبلغ شاهدهم غائبهم ويقول لهم ربّ مبلغ أوعى من سامع ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي ﷺ لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم:
1 / 14
«فليبلغ الشاهد الغائب فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه»، فلولا أن سنَّته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إِلى يوم القيامة لم يأمرهم بتبليغها، فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه ﵊ وعلى من نقلت إِليه بالأسانيد الصحيحة.
وقد حفظ أصحاب رسول الله ﷺ سنته ﵊ القولية والفعلية وبلغوها من بعدهم من التابعين ثم بلغها التابعون من بعدهم، وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلًا بعد جيل وقرنًا بعد قرن، وجمعوها في كتبهم وأوضحوا صحيحها من سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قوانين وضوابط معلومة بينهم
1 / 15
يعلم بها صحيح السنَّة من ضعيفها وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصحيحين وغيرهما وحفظوها حفظًا تامًا كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين وإلحاد الملحدين وتحريف المبطلين تحقيقًا لما دل عليه قوله سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] ولا شك أن سنَّة رسول الله ﷺ وحي منزل فقد حفظها الله كما حفظ كتابه وقيض الله لها علماء نقادًا، ينفون عنها تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون لأن الله سبحانه جعلها تفسيرًا لكتابه الكريم وبيانًا لما أجمل فيه من الأحكام وضمنها أحكامًا أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز،
1 / 16
كتفصيل أحكام الرضاع وبعض أحكام المواريث وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها إِلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنَّة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.
[مما ورد في ذلك عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم]
ذكر بعض ما ورد عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها. . في الصحيحين عن أبي هريرة ﵁ قال: لما توفي رسول الله ﷺ وارتد من ارتد من العرب قال أبو بكر الصديق ﵁: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فقال له عمر ﵁: كيف تقاتلهم وقد قال النبي ﷺ: «أمِرْتُ أَنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا لا إِلهَ إِلا الله فَإِذا قَالوها عَصَمُوا مِني دِمَاءَهُم
1 / 17
وَأَموَالَهُم إِلا بحقَّها»؛ فقال أبو بكر الصديق: أليست الزكاة من حقها والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إِلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها فقال عمر ﵁: فما هو إِلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق، وقد تابعه الصحابة ﵃ على ذلك فقاتلوا أهل الردة حتى ردوهم إِلى الإِسلام وقتلوا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنَّة ووجوب العمل بها، وجاءت الجدة إِلى الصديق ﵁ تسأله عن ميراثها فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء ولا أعلم أن رسول الله ﷺ قضى لك بشيء وسأسأل الناس ثم سأل ﵁ الصحابة
1 / 18
فشهد عنده بعضهم بأن النبي ﷺ أعطى الجدة السدس قضى لها بذلك، وكان عمر ﵁ يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله فإِن لم يجدوا القضية في كتاب الله فبسنَّة رسول الله ﷺ ولما أشكل عليه حكم إِملاص المرأة وهو إِسقاطها جنينًا ميتًا بسبب تعدي أحد عليها سأل الصحابة ﵃ عن ذلك فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة ﵄ بأن النبي ﷺ قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة فقضى بذلك ﵁. ولما أشكل على عثمان ﵁ حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد ﵂ أن النبي ﷺ
1 / 19
أمرها بعد وفاة زوجها أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله قضى بذلك ﵁ وهكذا قضى بالسنَّة في إِقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة، ولما بلغ عليًّا ﵁ أن عثمان ﵁ ينهى عن متعة الحج أهل علي ﵁ بالحج والعمرة جميعًا وقال لا أدع سنَّة رسول الله ﷺ لقول أحد من الناس، ولما احتج بعض الناس على ابن عباس ﵄ في متعة الحج بقول أبي بكر وعمر ﵄ في تحبيذ إِفراد الحج قال ابن عباس يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر، فإِذا كان من خالف السنَّة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه
1 / 20
العقوبة فكيف بحال من خالفها لقول من دونهما أو لمجرد رأيه واجتهاده، ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر ﵄ في بعض السنة قال له عبد الله: هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟ ولما قال رجل لعمران بن حصين ﵄: حدثنا عن كتاب الله وهو يحدثهم عن السنة غضب ﵁ وقال: إِن السنَّة هي تفسير كتاب الله ولولا السنَّة لم نعرف أن الظهر أربع والمغرب ثلاث والفجر ركعتان ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إِلى غير ذلك مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام، والآثار عن الصحابة ﵃ في تعظيم السنَّة ووجوب العمل بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدًّا، ومن
1 / 21