The Necessity of Applying Islamic Sharia in Every Era
وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر
Yayıncı
دار بلنسية للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Yayın Yeri
الرياض - المملكة العربية السعودية
Türler
وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في كل عصر
تأليف
الدكتور صالح بن غانم السدلان
الأستاذ بكلية الشريعة بالرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
دار بلنسية
Bilinmeyen sayfa
جَمِيعُ الحُقُوقِ محْفوظَة للمؤلِّف
الطبعَة الأولى
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
(ح) دَار بلنسية للنشر والتوزيع، ١٤١٧ هـ
فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر
السدلان، صَالح بن غَانِم
وجوب تطبيق الشَّرِيعَة الإسلامية فِي كل عصر - الرياض.
٣٦١ ص؛ ١٧ × ٢٤ سم
ردمك: ٥ - ٥٣ - ٧٤٣ - ٩٩٦٠
١ - الشَّرِيعَة الإسلامية
٢ - الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة
أ - العنوان
ديوي ٢٥٧ ... ٢٢٥٩/ ١٧
رقم الْإِيدَاع: ٢٢٥٩/ ١٧
ردمك: ٥ - ٥٣ - ٧٤٣ - ٩٩٦٠
دَار بلنسية للنشر والتوزيع - المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض
ص. ب: ٥٧٤٢ - الرَّمْز البريدي: ١١٥٧٤ - هَاتِف وفاكس: ٤٨٢١٧٧٦ (٠١)
1 / 2
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تمهيد
الحمد لله الذي اختار لنا الِإسلام شرعة ومنهاجًا، وأنزل الفرقان هدى ورحمة وتفصيلًا، فأمر - سبحانه -فيه ونهى، ودعا فيه إلى الحق واجتناب الهوى، فقال - جل وعلا -:
﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (٤٩)﴾ (١).
وأشهد أن لا إله إلَّا الله واحد في ربوبيته، وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وأمينه على وحيه القائل: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بهِ) (٢).
اللهم صل وسلم على من بعثته رحمة للعالمين ورسولًا إلى الناس أجمعين وحجة على المخالفين والمعاندين وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
_________
(١) سورة المائدة: آية ٤٩.
(٢) شرح السنة للبغوي ١/ ٢١٣ ح رقم ١٠٤ قال محققاه عفا الله عنهما: إسناده ضعيف لضعف نُعيم بن حماد الخزاعي وبه أعلَّه الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" ص ٣٣٨، وانظر: "ميزان الإعتدال للذهبي جـ ٥/ ٣٩٢".
1 / 5
أما بعد:
فإن من نظر في حال أمتنا الِإسلامية اليوم وتأمل واقعها يجدها واقفة على مفترق الطرق، تقف وحدها ساكنة مترددة مرتبكة الخطوات تنطلق يمينًا تارة ثم تعود لتنطلق شمالًا تارة أخرى فكأنها في موقفها لا تتزحزح عنه قيد أنملة يتجاذبها بعضهم إلى اليمين وبعضهم إلى اليسار وهي بين هؤلاء وأولئك لا تستطيع أن تتحرك من مكانها المكبلة فيه ولا أن تنطلق في الطريق الصحيح الذي تألفه وتحسه وتعقله!!.
ولا مراء في أنها قد ذاقت من الويلات ما ذاقت وحل بها ما حل من الأدواء والمصائب ما أثقل كاهلها وناءت به حين أعرضت عن شرع ربها -إلَّا من رحم الله- واتبعت غير سبيله فولاها الله ما تولت ووصلت إلى ما وصلت إليه!.
نعم: إنها ضلت طريقها وتنكبت الجادة يوم أن طرحت الشرع السماوي جانبًا وذهبت لتبحث في الشرق والغرب عن تشريعات هي من صنع البشر ورضيت بأن تصاغ حياتها وفق أنماط متناقضة، وقوانين وضعية هي محض زبالة الأذهان وصرف حثالة الأفكار لفقها ورقعها من قوانين كثيرة ومذاهب شتى بعض البدعيين المنتسبين إلى الِإسلام، وجعلوا أحكامها ملزمة وموادها ضربة لازب وويل له ثم ويل له من خالفها أو تردد في التحاكم إليها!!.
حقًا: إن كثيرًا من بلدان الِإسلام التي لا تحتكم إلى شرع الله -تعالى- يقودها ساسة مغرورون متغطرسون وقادة خادعون مخدوعون وحكام مستبدون يضحكون بالشعوب ويضحكون من الشعوب لا يستهدفون
1 / 6
إلَّا مجدًا زائفًا لأنفسهم يبنونه من جماجم الأمم وأشلاء الشعوب إنهم يجهلون أو يتجاهلون ما هم مطالبون به ويظن الواحد منهم أنه يعيش لنفسه ويتمتع بما شاء من متع الحياة ويقضي ما شاء الله أن يقضي على كرسي الحكم غير عابئ بما ألقي على عاتقه من أحمال ثقال ومسؤوليات جسام. ولو علم هذا المسكين وفكر فيما ينتظره غدًا من سوء العاقبة والوعيد الشديد لتمنى أن لو لم يجلس على كرسي الحكم ساعة واحدة!!.
لقد بلغ تحدي الحكام في أكثر البلاد الإِسلامية حدًا لا يحتمل فمنهم من يرفض الإِسلام جهرة مناديًا بالتبعية للشرق أو الغرب، ومنهم من استورد الأفكار والقوانين ولكنه رضي بأن يترك ركنًا صغيرًا للِإسلام مثل الأحوال الشخصية "مقننة" والحديث في الِإذاعة والتلفاز والصفحة الدينية يوم الجمعة في الجريدة ونحوها.
ومنهم من ينص في دستور بلاده على أن دين الدولة هو الإسلام ثم يسير كل شيء ذو بال بعيدًا عن الإِسلام.
ومنهم من يعد ويمني ويبشر بالخير والأمل نحو تطبيق الشريعة الإِسلامية في عهده وعلى يده وتمضي الأيام والسنون وتقام المؤتمرات وتعقد الاجتماعات وتبرم الإتفاقيات والإتحادات ومجالس التعاون بين الدول ولكن حتى ذكر تحكيم الشريعة الإِسلامية لم يرد في جداول أعمالها وما يصدر عنها من نتائج وتوصيات مما يجعلنا نقول إن مشروعات تطبيق الشريعة الإِسلامية باتت نسيًا منسيًا في بعض البلاد الإِسلامية وفي بعضها الآخر محجوبة بستار كثيف من الأعذار الوهمية والحجج الواهية والتعللات الباردة الفارغة التي ما كان ينبغي أن تكون لو صح العزم وصدقت النوايا لتطبيق شرع الله تعالى!!.
1 / 7
ومن الحكام من لا ينقصهم حسن النية ولكن ينقصهم الوعي الشامل والإِدراك العميق والفهم الصحيح لميزات هذه الشريعة وخصائصها، فإن حسن النية لا يكفي ما لم تتم أعمال عظيمة وتبذل جهود جبارة، فمجرد الرغبة والتفاؤل والحماسة والأمل مقرونة بحسن النية لا يكفي ولا يحقق تطبيق الإِسلام عمليًا.
إننا لا ننكر أن الأمة الإِسلامية في هذا العصر بدأت تتطلع إلى الخروج من وهدتها والإرتفاع من سقطتها التي تردت فيها زمنًا طويلًا وخير برهان على هذا ما نشاهده من آثار مباركة للصحوة الإِسلامية الراشدة التي تبدو واضحة للعيان.
وقد أحدثت هذه الدعوة المباركة ردود فعل إيجابية تمثلت في عقد المؤتمرات الإِسلامية حول تطبيق الشريعة الإِسلامية وإنشاء لجان ومحاولات للتطبيق لا يمكن اعتبارها شاملة.
وأحدثت في نفس الوقت ردود فعل سلبية تمثلت في فئات معارضة لهذا الإتجاه وقفت بكل إصرار وتبجج تضع العقبات والعراقيل أمام تطبيق الشريعة الإِسلامية.
من أجل هذا كتبت هذا الكتاب المتواضع أداء للواجب وبراءة للذمة ونصحًا وتنبيهًا وبيانًا لما يجب أن يكون فلعل الله أن ينفع به، فيجد آذنًا صاغية وقلوبًا واعية تدرك عظم المسؤولية وخطورة التساهل بتحكيم شرع الله في أرض الله، وبهذا أكون قد ساهمت بوصفي مسلمًا في وضع لبنة صغيرة في صرح ذلك البناء الإِسلامي الشامخ الذي لا يشيد إلَّا بجهود العاملين المخلصين من دعاة تطبيق الشريعة الإِسلامية.
1 / 8
ولما كان عبء التطبيق لشرع الله يقع على الحاكم والمحكوم. قمت في هذا الكتاب:
ببيان مهمة الحاكم وواجباته ومسؤولياته كما قررتها الشريعة الإِسلامية. ثم بينت واجبات ومسؤوليات المحكومين.
ثم رأيت أن مما يحمل على تطبيق الشريعة الإِسلامية ويعد دافعًا قويًا وعنصرًا فعالًا في تطبيقها الِإيمان بأسس هذه الشريعة وخصائصها، لأن الِإيمان بأنها من عند الله يوجب تحكيمها دون سواها والعلم بأسسها وخصائصها يجعلنا نوقن بصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان.
بعد ذلك: سجلت نظرتنا -نحن المسلمين- إلى هذه القوانين الوضعية التي نراها عاجزة عن تحقيق أهدافها وأنها مضادة ومحادة لشىريعة الله تعالى وأقمت الدليل على ذلك ثم بينت حكم الإِسلام فيمن حكم بغير ما أنزل الله ومتى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرًا بواحًا مخرجًا عن الملة؟ ومتى يكون كفرًا دون ذلك؟!
ونقلت في هذا الشأن أقوال وفتاوى بعض علماء الأمة من القدامى والمحدثين وهي أقوال وفتاوى حرية بأن توضح المسألة وتزيل اللبس بحول الله وقوته وجعلتها في فصل كامل.
ثم بينت أن الحكم بغير ما أنزل الله له آثار سيئة وعواقب وخيمة ونتائج سلبية وذلك في فصل عنونته "بالنتائج السلبية الضارة المترتبة على عدم تطبيق شرع الله -تعالى- ".
ثم تساءلت لماذا آل أمر المسلمين إلى هذا الحد وما الذي أدى بهم
1 / 9
إلى هذا الطريق فوجدت لذلك أسبابًا وبواعث عدة خصصت لها فصلًا في هذا الكتاب وهو يضم خمسة مباحث، وفي المبحث الخامس منه: قمت بتعقب الشبهات والمزاعم التي أثارها أصحاب الأقلام المغرضة قديمًا وحديثًا حول تطبيق الشريعة الإِسلامية وفندتها بالحجة الواضحة والبرهان القوي حتى ينكشف أمرهم ويندحر باطلهم الذي روجوا له وأشاعوه بما يملكون من وسائل مختلفة.
ثم خصصت فصلًا تحدثت فيه عن أهم الطرق والوسائل التي يستطيع الحكام المسلمون بواسطتها تنفيذ وتطبيق أحكام الشريعة الإِسلامية في كل جوانب الحياة إن حسنت نواياهم وخلصت أعمالهم وأحبوا أن يلقوا ربهم بوجه مشرق وصفحة بيضاء نقية.
ثم يأتي بعد ذلك الفصل الأخير وهو بعنوان التدرج في تنفيذ وتطبيق أحكام الشريعة الإِسلامية.
وختامًا: لابد أن نقرر حقيقة لا مراء فيها ألا وهي:
أن تطبيق الشريعة الإِسلامية لا يعد نفلًا ولا تطوعًا ولا محض اختيار بل يعد واجبًا شرعيًا وتكليفًا حتميًا وقضية ملحة تستوجب التمحيص والدراسة والِإعداد والإستعداد.
ولسوف نعجز عن تحقيق ما نصبو إليه ما زالت شرائع الإِسلام معطلة، وديار الإِسلام مستباحة وما دام الكثير من حكام البلاد المسلمة مُصرِّين على عزل الدين عن الحياة وإبعاد كل من يخدم الإِسلام أو يعمل لنصرة قضاياه.
ولسوف نعجز عن تحقيق شيء ما لم تكن هذه الشريعة قائمة في حياة المسلمين قيامًا عمليًا يوجه سياستهم ويصرف جميع شؤونهم ويسيطر على
1 / 10
حياتهم سيطرة تامة تجعلهم منقادين لحكم الله ملتزمين بشرعه وقافين عند حدوده وهذا هو أساس فلاحنا وعنوان سعادتنا وسر عزنا ونصرنا ومصدر أمننا واستقرارنا.
فعلى الأمة الإسلامية أن تصحو من غفلتها وأن تفيق من عميق سباتها وتتنبه إلى ما في شرع الله من كنوز وتعلم أن سر تخلفها وإذلال عدوها لها إنما هو تنكبها الطريق السليم وسيرها خلف الشعارات البراقة التي دسها عليها المغرضون الحاقدون؛ ليفرقوا كلمتها ويحطموا شكوتها .. ولكن أنى ذلك لهم وقد بدا نور الحق يبدد حجب الباطل ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صَالِح بن غَانِم السّدلانْ
غرة رجب الحرام ١٤٠٩ هـ
1 / 11
المحتوى
يشتمل هذا الكتاب على: مقدمة وسبعة فصول:
* المقدمة: في بيان ما آل إليه أمر أمتنا الإِسلامية من جراء البعد عن شرع الله تعالى والدوافع لتأليف هذا الكتاب.
* الفصل الأول: واجبات ومسؤوليات الشعوب المسلمة نحو الإِسلام.
وفيه تمهيد ومبحثان:
المبحث الأول: واجبات ومسؤوليات الحكام.
المبحث الثاني: واجبات ومسؤوليات المحكومين.
* الفصل الثاني: القواعد والأسس الملزم الإِيمان بها تطبيق الشريعة الإِسلامية.
ويتضمن هذا الفصل تمهيدًا وسبعة مباحث:
المبحث الأول: الإِيمان بالله تعالى.
المبحث الثاني: الإِيمان برسالة نبينا محمد ﷺ وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين.
1 / 13
المبحث الثالث: الإِيمان بعموم الشريعة الإِسلامية وشمولها وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
المبحث الرابع: الإيمان بكمال الشريعة الإِسلامية ومرزنتها وصلاحيتها للخلود إلى يوم القيامة.
المبحث الخامس: الإِيمان بأن الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع الشرائع السابقة.
المبحث السادس: الإِيمان بيسر الشريعة الإِسلامية وسماحتها ووفائها بحاجات البشر في كل زمان ومكان.
ويشتمل هذا المبحث على ستة مطالب:
المطلب الأول: النصوص التي تؤكد يسر الشريعة وسماحتها:
(أ) النصوص من القرآن الكريم.
(ب) النصوص من السنة النبوية.
المطلب الثاني: ما ثبت من مشروعية الرخص وهو أمر مقطوع به ومعلوم من الدين بالضرورة.
المطلب الثالث: التكليف بما في الطاقة والوسع.
المطلب الرابع: إجراء الأحكام على وفق الظاهر.
المطلب الخامس: الأخذ بالعرف.
المطلب السادس: من الأحكام المبنية على العرف:
تغير الفتوى بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والأعراف.
المبحث السابع: الإِيمان بالأسس التي قام عليها التشريع الإِسلامي في الحكم. ويتضمن ثلاثة مطالب:
1 / 14
المطلب الأول: الشورى ومكانتها في سياسة وإدارة الدولة الإسلامية.
المطلب الثاني: العدل أساس من أسس التشريع في الإسلام.
المطلب الثالث: المساواة من الأصول العامة للتشريع في الإسلام.
* الفصل الثالث: الحكم بغير ما أنزل الله.
* الفصل الرابع: أسباب وبواعث عدم الحكم بما أنزل الله.
وفيه تمهيد وخمسة مباحث:
المبحث الأول: انعدام الإِيمان أو ضعفه.
المبحث الثاني: مداهنة الكفار والركون إليهم.
المبحث الثالث: الجهل باحكام الشريعة الإِسلامية.
المبحث الرابع: التأثر بالشبه التي تثار حول تطبيق الشريعة الإسلامية وفقدان القدرة على مواجهتها وتفنيدها.
المبحث الخامس: اتهام التشريع الإِسلامي بالجمود وعدم مسايرة التطورات والمتغيرات التي حدثت.
* الفصل الخامس: النتائج السلبية المترتبة على عدم تطبيق شرع الله تعالى:
١ - التمهيد.
٢ - النتائج السلبية في مجال العقيدة.
٣ - النتائج السلبية في مجال العبادة.
٤ - النتائج السلبية في مجال الحياة الإجتماعية.
1 / 15
٥ - النتائج السلبية في مجال السياسة ونظام الحكم.
٦ - النتائج السلبية في المجال الاقتصادي.
٧ - النتائج السلبية في مجال العقوبات وتطبيق الحدود.
* الفصل السادس: الطرق والوسائل التي يستطيع الحكام بواسطتها تطبيق الشريعة الإِسلامية في جميع جوانب الحياة.
* الفصل السابع: التدرج في تطبيق وتنفيذ الشريعة الإِسلامية.
وفي هذا الفصل تمهيد وأربعة مباحث:
المبحث الأول: وجود الإيمان العميق والعقيدة الراسخة.
المبحث الثاني: التدرج في الأخذ باحكام الشريعة الإِسلامية.
المبحث الثالث: الثبات والصبر وعدم اليأس والقنوط.
المبحث الرابع: كيفية تطبيق الأحكام الشرعية وتنفيذها عمليًا في العالم الإِسلامي.
وفي هذا المبحث ثلاثة مطالب.
المطلب الأول: حكومة إسلامية في دولة تدين بالإِسلام وتطبق شريعة الإِسلام.
المطلب الثاني: حكومة منحرفة في أمة مسلمة.
المطلب الثالث: أقليات إسلامية في أمة كافرة.
* الفهارس.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
1 / 16
الفصل الأول
واجبات ومسؤوليات الشعوب المسلمة نحو الإِسلام
ويشمل تمهيدًا ومبحثين:
التمهيد.
المبحث الأول: واجبات ومسؤوليات الحكام.
المبحث الثاني: واجبات ومسؤوليات المحكومين.
1 / 17
تمهيد
ثمة أمور ثلاثة يجب أن نعيها قبل أن نفصل واجبات ومسؤوليات كلًّا من الحاكم والمحكوم وهذه الأمور هي:
° الأمر الأول: فيما يتعلق بقصر عنوان هذا الفصل على واجبات ومسؤوليات الشعوب المسلمة والتي درجت النظم الحديثة على تسميتها بـ (الحقوق السياسية)، وقد آثرت تسميتها بواجبات لأنها -أي الحقوق- يغلب عليها عنصر التكليف والمسؤولية والإيجابية؛ ذلك لأنها كغيرها من الحقوق وسائل موجبة لخدمة الشريعة الإِسلامية ولذلك نسميها "واجبات لا حقوق" (١).
° الأمر الثاني: لسائل أن يقول: ما المقصود بالتعبير بالشعوب المسلمة وما فائدة وصفها بالمسلمة؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقول:
الشعوب: مفردها شعب: بفتح فسكون: الجماعة الكبيرة من الناس والتي تخضع لنظام اجتماعي واحد (٢).
_________
(١) النظام الدستوري في الإِسلام. د. مصطفى كمال وصفي ص ٧٦. (بتصرف) طبعة ١٣٩٤ مطابع الأمانة بمصر.
(٢) المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم تأليف اللواء محمود شيت خطاب ٢/ ٨٤٩ طبع دار الفتح بيروت ١٣٨٦ هـ.
1 / 19
والشعب المسلم يضم القاعدة الشعبية على اتساعها وهي التي تضم كل أفراد الأمة الإِسلامية، ثم أن الأمة تفوض السلطة للِإمام [الحاكم] فيكون نائبًا عنها في أعماله وهو بدوره يفوض عنه الوزراء أو الأمراء والولاة والقضاة ونحوهم وبذا تتكون الجماعة القيادية التي تباشر الممارسة الفعلية للحياة السياسية والدستورية (١) الإِسلامية وتسمى: " القوى الشعبية الإِسلامية ". ويمكن أن تسمى القاعدة الشعبية [المحكومون] والقوة الشعبية [الحكام]، وكل عليه واجبات ومسؤوليات يؤديها في ظل نظام معين تسير عليه الجماعة الإِسلامية طبقًا لقواعد موضوعية غرضها الأسمى خدمة الشريعة الإِسلامية.
أما لماذا وصفت الشعوب بـ[المسلمة] بالذات والتحديد؛ لأن غير المسلمين الذين يقيمون إقامة دائمة في الدولة الإِسلامية فهم معاهدون بمعاهدة خاصة تسمى "عقد الذمة"، وهم وإن كانوا من رعايا الدولة الإِسلامية إلَّا أنهم ليسوا من الأمة الإِسلامية (٢)، (٣).
° الأمر الثالث: أنه قد ثار الجدل واحتدم النقاس في الآونة الأخيرة في البلاد التي لا تطبق شرع الله -تعالى- حول الِإجابة على سؤال يطرح نفسه وهو: من المسؤول عن عدم تطبيق الشريعة الإِسلامية في هاتيك البلاد؟
_________
(١) الدستور: كلمة فارسية معناها: القاعدة التي يعمل بمقضاها وجمعها دساتير. المنجد في اللغة والأعلام ص ٢١٤.
(٢) بتصرف من: النظام الدستوري في الإِسلام لمصطفى كمال وصفي ص ٦٦، ٦٧.
(٣) سيجد القارئ تفصيلًا وافيًا في هذا الكتاب عن الأقليات المسلمة ما لها وما عليها في الدولة الإِسلامية ص ٢٢٥.
1 / 20
- فمن قائل بأن الحكام وحدهم الذين نتوجه إليهم بهذه اللائمة.
- ومن قائل لا: بل التبعة والمسؤولية على الذين يقومون بهذا التطبيق من قضاة وغيرهم من المسؤولين.
- ومن قائل بأن الأمة كلها -من القاعدة إلى القمة- مسؤولة عن عدم تطبيق الشريعة الإِسلامية، وهذا هو عين الصواب ومنطق الحق في هذا الموضوع، فإن الإِسلام لابد له من أمة تحمله وسلطة تحميه وهما في كفة واحدة يقومان معًا على وجه التضامن والتكافل بمسؤولية واحدة وإعلاء كلمة واحدة مسؤولية إقامة شرع الله في أرض الله وإعلاء كلمة الله!!
نعم: إن الحكام هم رمز الدولة وقمة السلطة ويستطيعون إذا وضعوا ثقلهم ونفوذهم وسلطتهم وراء مطلب تطبيق الشريعة الإِسلامية أن يفعلوا الكثير والكثير وبأسرع ما يظنه الكثيرون!!.
وعلى كل فرد من الرعية أن يؤمن بهذه الغاية النبيلة وأن يجند نفسه لها؛ لهذا لابد من معرفة ما على الحاكم من واجبات ومسؤوليات نحو الأمة أفرادًا وجماعات وما له عليها من حقوق. وما على المحكوم من واجبات ومسؤوليات، وما له من حقوق في ظل شريعة عادلة يتحمل فيها كل إنسان مسؤوليته بما يتناسب ومكانته عملًا بقوله ﷺ في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر عن النبي ﷺ قال: "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول
1 / 21
عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (١).
ونستطيع على ضوء النصوص الشرعية المتعددة وبعد الِإلمام بما قرره الفقهاء في هذا المجال وبتلمس الواقع العملي، والتطبيقي لمسلك الحكم الإِسلامي الأول في عهد الرسول ﷺ والخلفاء الراشدين من بعده ومن جاء بعدهم من كل من وكل إليه من أمر المسلمين شيء من مسؤولية الحكم أو الولاية أو القيادة أو الرعاية أخذًا بمفهوم الحديث السابق: (ألا كلكم راع ...) الحديث. نستطيع الآن على ضوء ذلك أن نحدد واجبات ومسؤوليات الحاكم المسلم:
فأقول: إن ولاية أمر المسلمين من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين إلَّا بها لأن ما أوجبه الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصرة المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلَّا بالِإمارة بل أن الأحكام الأساسية التي يقوم عليها نظام الدولة من اجتماعية واقتصادية وسياسية، وسائر ما جاء به الدين الإِسلامي في أشد الحاجة إلى حاكم يدبر أمر الأمة فيها وينفذها ومن ثم كان تنصيب إمام عام وحاكم منفذ تسمع له الأمة وتطيع واجبًا شرعيًا يوجبه الدين لتجتمع كلمة الأمة وتنفذ أحكام الشريعة التي هي المنهج الإِلهي الذي تساس الأمة بأحكامه (٢).
_________
(١) رواه مسلم في صحيحه ٣/ ١٤٥٩ كتاب الإمارة - باب ٥ حديث رقم ١٨٢٩، ط. ١٤٠٠ هـ طبع ونشر الرئاسة العامة للبحوث العلمية السعودية.
(٢) انظر: موسوعة سماحة الإِسلام لعرجون ٢/ ٥٥٨، ط. الثانية ١٤٠٤ طبع الدار السعودية للنشر والتوزيع.
1 / 22
يقول ابن تيمية - رحمه لله -: "ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين لا قيام للدين إلَّا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلَّا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابد عند الإجتماع من رأس" (١).
ويقول إمام الحرمين "الجويني" في وجوب نصب الإمام: (ولا يرتاب من معه مسكة من عقل أن الذب عن الحوزة والنضال دون حفظ البيضة محتوم شعرًا ولو ترك الناس فوضى لا يجمعهم على الحق جامع ولا يزعهم وازع ولا يردعهم عن اتباع خطوات الشيطان رادع، مع تفنن الآراء وتفرق الأهواء لانتثر النظام وهلك العظام ... وفشت الخصومات وتبددت الجماعات ... وما يزع الله بالسلطان، أكثر مما يزع بالقرآن) (٢).
• • •
_________
(١) السياسة الشرعية ص ١٦٩. طبع دار الكتاب العربي - لبنان.
(٢) انظر: غياث الأمم في الْتياث الظلم ص ٢٣، ٢٤، لإمام الحرمين الجويني. الطبعة الثانية ١٤٠١ هـ. مطابع نهضة مصر - القاهرة.
1 / 23
المبحث الأول
واجبات ومسؤوليات الحكام
قبل بيان الشروط الواجب توافرها في الحاكم المسلم وتوضيح واجباته ومسؤولياته نؤكد ضرورة قيام حكومة إسلامية:
نعم: إن الحكومة الإِسلامية ضرورة من أجل حفظ العقيدة وصيانتها من عبث العابثين وخروج المارقين وحماية بيضة الإِسلام والذب عنها.
والحكومة الإِسلامية ضرورة من أجل إقامة الشريعة الإِسلامية على أصولها المقررة وقواعدها المحررة ورد البدع والمبتدعين وإعلاء راية الدين ... وهذه الحكومة لابد لها من حاكم يدبر شؤونها ويصرف أمورها ...
والحاكم المسلم ضرورة يوجب الإِسلام على الأمة إقامته، ليدفع عن الأمة عدوها ويحمي زمارها ويحافظ على أمنها ومقدساتها، ويسد الخلل الذي ينشأ عن اضطراب أمرها، ويقيم الحدود الزاجرة والتعزيرات الرادعة ليمنع أهل البطالة والفساد من العبث بحياة الآمنين ... إلى غير ذلك من الواجبات والمسؤوليات.
1 / 24