152

The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future

تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

Türler

مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل» (١) الحديث. ومعاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش، فيحتمل - والقول لابن حجر - أن يقال لعل الإجماع انعقد بعد عمر ﵁ على اشتراط أن يكون الخليفة قرشيًا، أو تغير اجتهاد عمر ﵁ في ذلك، والله أعلم﴾ اهـ كلام ابن حجر. أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية: أ- استدل أصحاب هذا الاتجاه بقول رسول الله ﷺ لقريش: «أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم مع الحق إلا أن تعدلوا عنه فتلحون كما تلحى هذه الجريدة يشير إلى جريدة بيده» (٢). وقوله ﷺ: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبَّه الله على وجهه ما أقاموا الدين» (٣). فالرسول ﷺ في هذين الحديثين وأمثالهما يُخبر عما سيكون ولا ينشئ حكمًا، فيكون حديث «الأئمة من قريش» (٤) إخبارًا أيضًا، أو يؤخذ منهما أن اشتراط أن يكون الخلفاء من قريش مرهون بإقامتهم للدين فإذا لم يفعلوا ذلك فلا يشترط ذلك. واستدلوا أيضًا بقوله ﷺ: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» (٥). ولكن رد ابن حزم تفسير الحديث بأنه للإخبار فقال: «ولا يصح هذا التفسير لأن الخبر من النبي ﷺ لا بد أن يتحقق، إذ لو جاز أن يوجد الأمر في غير قريش لكان تكذيبًا لخبر النبي ﷺ وهذا كفر ممن أجازه» (٦). والواقع الذي حصل عبر التاريخ أنه قد تولى الخلافة غير القرشيين كسلاطين

(١) مسند أحمد: ١/ ٢٦٣ رقم (١٠٨) عن عمر قال محقق الكتاب: «حسن لغيره وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن شريح بن عبيد وراشد بن سعد لم يدركا عمر». (٢) سنن البيهقي الكبرى: ٨/ ١٤٤ كتاب قتال أهل البغي، باب الأئمة من قريش، عن عطاء بن يسار. (٣) صحيح البخاري: ٣/ ١٢٨٩ كتاب المناقب، باب مناقب قريش رقم (٣٣٠٩) عن معاوية. (٤) سبق تخريجه في ص: (١١٥) حاشية (١). (٥) صحيح البخاري: ١/ ٢٤٦ كتاب الأذان، باب إمامة العبد والمولى رقم (٦٦٠) عن أنس بن مالك بلفظ قريب. سنن ابن ماجه: ٢/ ٩٥٥ كتاب الجهاد، باب طاعة الإمام رقم (٢٨٦٠) عن أنس. وأحمد في مسنده: ١٩/ ١٧٨ عن أنس رقم (١٢١٢٧) قال محقق الكتاب: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر في أدلة النافين لشرط القرشية والرد عليها: الإمامة للآمدي: ص ١٨٠ - ١٨١. فتح الباري لابن حجر: ١٣/ ١١٥ وما بعدها. مقدمة ابن خلدون: ص ١٩٤. (٦) المحلى لابن حزم: ٩/ ٣٦٠.

1 / 151