The Muhammadan Message

Syed Sulaiman Nadvi d. 1373 AH
170

The Muhammadan Message

الرسالة المحمدية

Yayıncı

دار ابن كثير

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٣ هـ

Yayın Yeri

دمشق

Türler

الطائف لم ينسه طول حياته. ولقد سألته عائشة بعد ذلك بتسع سنين عن أشدّ ما لقيه من بلاء فأخبرها بأنه يوم الطائف، وكان بعد ذلك أن زحف المسلمون على الطائف في السنة الثامنة للهجرة، وحاصروها، فأطالوا حصارها، واستعصى عليهم حصنها الحصين الذي قتل فيه كثيرون منهم، فهمّ الرسول أن يرجع عنهم، لكن أصحابه أبوا إلا الفتح، وسألوا النبيّ ﷺ أن يدعو على أهل الطائف، فرفع يديه إلى السماء يدعو فقال: اللهمّ اهد أهل الطّائف، اللهمّ ألن قلوبهم للإسلام، ومكّنه فيها» . هذه هي رحمة الرسول، وسعة صدره، وسجاحة خلقه، وكرم نفسه، يدعو بالخير للذين آذوه بالشرّ أشدّ الأذى، وأبوا أن يجيروه حين استجار بهم، ثم قاتلوه أشدّ القتال، ومع كل هذا لم يسأل الله لهم إلا أعظم ما يعلمه من الخير، وهو الهدى. أرأيتم رجلا آخر في الدنيا بلغت الرحمة من قلبه هذا المبلغ؟ أجيبوني بالله عليكم، ولا تقولوا إلا الصدق. دارت رحى الحرب على المسلمين بعد أن كانت الغلبة لهم، وذلك لأنهم خالفوا أمر الرسول، واستهوتهم أموال المشركين، فاشتغلوا بجمع الغنائم، وحينئذ كرّ عليهم العدوّ، فانهزموا، وزلزلت أقدامهم، فأحاط المشركون بالرسول، ورموه بالسهام والحجارة، وقاتلوه بالسلاح، فانكسرت ثنيته، وشجّ رأسه، ودخل فيه ثلاث حلقات من البيضة، وتضرّج بالدم، فلم يزد ﷺ في ذلك الموقف الرهيب على أن قال: «كيف تفلح أمّة تقتل نبيّها؟ اللهمّ اهد قومي فإنّهم لا يعلمون!»، وإذا كان المسيح عيسى ابن مريم قد قال في عظة الجبل «أحبب عدوك» فإن محمّدا رسول الله لم يقتصر على إرشاد الناس بلسانه بأن يحبوا أعداءهم، بل أراهم بسيرته وعمله كيف يكون موقفهم من أعدائهم.

- غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك» . وجاء هذا الدعاء في تاريخ الطبري بهذه الألفاظ [الطبري ٢/ ٢٣٠] .

1 / 170