- يؤيده: أنَّ قَوْله ﷿: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ قد نزل وقت أنْ كان المسجد الحرام في مكة لم يفتح بعد، وكذلك كان المسجد الأقصى تحت يد الرومان.
- وعليه فيؤول الحديث على أنه: لا اعتكاف أكمل ولا أتم من أن يكون في المساجد الثلاثة، لما فيها من الفضل العظيم؛ لقول النبي ﷺ: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) أما في غيرها من المساجد فالاعتكاف فيها جائز في أي مسجد من المساجد، فيكون معنى الحديث: لا اعتكاف كامل، كقوله ﷺ: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"، والله تعالى أعلم.
ومن المساجد التي نص الشرع على فضيلتها، مسجد قباء:
١ - مسجد قباء قد أُسس على التقوى:
قال تعالى ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة /١٠٨] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- ﵁ عَنِ النَّبِي ﷺ قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: ١٠٨] قَالَ: «كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالمَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِيهِمْ " (١)
وممَّا يؤيد أنَّ المقصود بالمسجد الذي أُسس على التقوى هو مسجد قباء: قوْلَهُ تَعَالَى ﴿مِنْ أول يَوْم﴾ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءَ؛ لِأَنَّ تَأْسِيسَهُ كَانَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ حَلَّ النَّبِيُّ ﷺ فيه. (٢)
يؤيده: ما فى البخاري من حديث هجرة النبي ﷺ إلى المدينة، قال عروة بن الزبير: (وأسس رسول الله ﷺ المسجد الذي أُسس على التقوى وصلَّى فيه)
قال ابن حجر: فهذه الأخبار تدل على أنه كان معروفا عندهم بأنَّ مسجد قباء هو المسجد الذي أَّسس على التقوى ا. هـ (٣)
_________
(١) أخرجه الترمذي (٣١٠٠) وأبوداود (٤٤) وصححه الألباني بالشواهد.
(٢) وانظرفتح القدير (٢/ ٥١٢) وتحفة الأحوذي (٢/ ١١٦)
(٣) وانظر فتح الباري (٧/ ٣٤٥) والثمر المستطاب (٢/ ٥٦٨)
1 / 17