The Major Issues
القضايا الكبرى
Yayıncı
دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Baskı Numarası
١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١
Yayın Yeri
سورية
Türler
ولقد مارسه المجتمع الإسلامي الوليد كذلك، لغايات تطهيريِّة في تلك الضروب الذائعة الصيت من (الإقرار بالذَّنب، أو الإعلان عن الخطيئة) من مثل اليوم الذي اعتقد فيه الخليفة (عمر) أنه قد أثْمَلَتْهُ نَشْوَةَ السُّلطة، فما كان منه إلا أن استدعى (الصحابة) وجمعهم حذو المِنْبَر، ليعلن أمامهم ما مُؤدّاه: أنه لم يكن شيئًا مذكورًا، بل هو أقلّ من اللاَّشيء؛ وأنه لا يعدو كونه مجرد راعي ماشية جعل منه الإسلام خليفة. وهكذا كان (عمر) العظيم الذي نعرف مدى حساسيته الأخلاقية المتوفِّرة، أوَّلَ من فتح طريق (النقد الذَّاتي) (١).
ففي جميع هذه الحالات الخاصة، أو العمومية، سواءً أتَمَّتْ لغايات أخلاقية، أو سياسية، تتمثل القضية في تطهير نفساني يتكفل بإدماج الفرد، ومُكامَلَتِه أخلاقيًا في قلب جماعة من المواطنين أو المؤمنين.
والملاحظ أن مشكلة المكاملة الاجتماعية للفرد، تمثّل مشكلًا قائمًا على وجه العموم في (جزائر) ما بعد الثورة.
فقد تمَّ تفكيك المجتمع الجزائريّ من طرف الاستعمار بمقتضى المبدأ الرُّومانيِّ الذَّائع: (فَرِّقْ تَسُدْ)! ... ولقد دَحَرَتْ البِنائِيَّاتُ الاستعمارية الفردَ وألْجَأَتْهُ إلى الحياة من أجل ذاته؛ بل ولقد بلغ الأمر ببعض الأفراد أن نَما لديهم: (خُلاعُ الاحتكاك) بالآخرين، (Phobie de Contact)، حتى جعلهم يقضون على أنفسهم بالانعزال والانزواء، الأمر الذي يحملهم أحيانًا على الانقطاع الاجتماعي التَّام في نفس كنف أُسْرَتهم الخاصة ... وهكذا تم تجريد الأفراد من إنسانيَّتهم، وانْتُزِعَ منهم حتَّى مجرد انْتواء الاحتكاك البشريّ-، بحيث مات المجتمعُ في قرارة طواياهم.
(١) ليس النقدُ الذاتي (Autocritique) مجرد النَّجْوى المحدودة التي نقوم فيها بمُسارَّةِ الزَّميل الْمُجْتَبَى ضمن خلوة حَميمة؛ ولكنه الإعلان المشهود عن الخطأ على رؤوس الملأ. (المؤلف).
1 / 113