The Literary Image: History and Criticism
الصورة الأدبية تاريخ ونقد
Yayıncı
دار إحياء الكتب العربية
Baskı Numarası
-
Türler
الاسم، من غير أن تكون قد شاهدته، أو ذكر لك بصفته ... وإذا قد عرفت هذه الجملة، فاعلم أن معاني الكلام كلها معان لا نتصور إلا فيما بين شيئين، الأصل والأول هو الخبر، وإذا أحكمت العلم بهذا المعنى فيه عرفته في الجميع، ومن الثابت في العقول، والقائم في النفوس أنه لا يكون خير حتى يكون مخبريه ومخبر عنه، ومن ذلك امتنع أن يكون لك قصد إلى فعل من غير أن تريد إسناده إلى شيء، وكنت إذا قلت: أضرب لم تستطع أن تريد منه معنى في نفسك من غير أن تريد الخبر به عن شيء مظهر أو مقدر، وكان لفظك به إذا أنت لم ترد ذلك، وصوت تصوته سواء١".
والإمام هنا يقرر أن ألفاظ اللغة لا أهمية لها مفردة، لنتعرف على معانيها في ذاتها، ولكنها وضعت لأن يضم بعضها إلى بعض، ويتعلق بعضها ببعض حتى نعرف معانيها، ونبلغ الغرض منها، فلو أردنا أن نعرف ما يدل عليه كلمة "فرس" محددًا محصورًا، لما استطعنا ذلك؛ لأنه اسم جنس عام لا وجود له، إلا في أفراده فإذا وقع بين ألفاظ أخرى في عبارة كما تقول: "فرس في الحديقة" فقد دلت الكلمة في التركيب على منظور، ورمزت إلى شيء معين، ولم يكن المسمى في الحديقة هو كل المعنى للكلمة السابقة.
ولذلك استطاع عبد القاهر عن طريق الكشف لرمزية اللغة، أن يعتبر اللفظ الذي يرمز إلى معنى لا وزن له منفردًا، ولا ينهض وحده بتصوير معناه، إلا إذا اشترك مع غيره، وارتبط بألفاظ أخرى، في نظم محكم، عند ذلك يكون لكل لفظ قيمة بقدر اشتراكه في تجديد الصورة العامة للمعنى المراد، ويكون حينئذ للنظم
_________
١ دلائل الإعجاز: عبد القاهر الجرجاني ص٤٧٣، ٤٧٤ تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.
1 / 63