The Literary Image: History and Criticism
الصورة الأدبية تاريخ ونقد
Yayıncı
دار إحياء الكتب العربية
Baskı Numarası
-
Türler
"وليس الشأن في إيراد المعاني؛ لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي، والقروي والبدوي، وإنما هو في جودة اللفظ وصفاته، وحسنه، وبهائه، ونزاهته، ونقائه، وكثرة طلاوته ومائه، مع صحة السبك والتركيب، والخلو من أود النظم والتأليف"١.
فحديثه عن اللفظ وطلاوته، والسبك والتركيب، والنظم والتأليف، إنما يرجع غالبًا إلى التصوير، الذي لا يتم إلا بهذه الأمور، وبه يتحقق الجمال في العمل الأدبي فلولا الشكل لما تميز شاعر عن آخر، اتصف بالحذق والمهارة، حتى لو كان المعنى الذي يصوره وسطًا، فإنه يدخل في جملة الرائع من القول، لحسن عرضه، وحذق صناعته وحلاوة لفظه وعذوبته وسلاسته.
وهذا كله يدفع الخطيب والشاعر إلى المبالغة في التجويد والتصوير، ولو كان الأمر يرجع إلى المعنى لوفرا على أنفسهما تعبًا طويلًا٢.
وعد أبو هلال قول الشاعر كثيِّر عزة من الرائع النادر، مع بساطة معناه ودنو مادته، وإنما حظي بالجمال، بجودة صوغه، وروعة تصويره، قال كثير:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
إلى آخر الأبيات الثلاثة المشهورة، يقول أبو هلائل معقبًا عليها: "وليس في هذه الألفاظ كثير معنى، وهي رائقة معجبة"٣.
وإن كان اهتمامًا بالشكل واللفظ لا ينسيه المضمون والمعنى، فالشاعر يحتاج إلى شرف المعنى والإصابة فيه، كاحتياجه إلى الحسن في الصياغة، ونسج الألفاظ.
_________
١ الصناعتين: أبو هلال العسكري ص٥٧، ٥٨ "المتوفى عام ٣٩٥".
٢ الصناعتين: أبو هلال العسكري ص٥٧، ٥٨.
٣ المرجع السابق ص٥٩.
1 / 48