The Literary Image: History and Criticism
الصورة الأدبية تاريخ ونقد
Yayıncı
دار إحياء الكتب العربية
Baskı Numarası
-
Türler
القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني:
ويقفز القاضي١ خطوات إلى الأمام بالصورة الأدبية، فتزداد وضوحًا وعمقًا وتشيع في مفهومها ألوان جديدة فوق ما سبق:
أولًا: يرى أن ليس من الضروري في كل نظم أو تأليف أن يكون فيه تصوير أدبي، يثير النفوس بسحره، ويهز الأعطاف بجماله، يقول في فصل: "ما عيب على أبي الطيب من معانيه وألفاظه٢".
"وأنا أعدل إلى ذكر ما رأيتك تنكر من معانيه وألفاظه، وتعيب من مذاهبه وأغراضه، وتحيل في ذلك الإنكار على حجة أو شبهة، وتعتمد فيما تعيبه على بينة أو تهمة، إذ كان ما قدمت حكاية عنك، وما عددته من مطاعنك، وأثبته من الأبيات التي استسقطتها وملت على هذا الرجل لأجلها، من باب ما يمتحن بالطبع لا بالفكرة".
ثانيًا: يوضح النظم الساقط الذي لا يرقى إلى مستوى التصوير الأدبي، والجمال الفني: من التأليف الذي به جهامة تعافها النفس، وكزازة تنفر منه، ويصبح خاليًا من بهاء رونقه وحلاوة منظره، وعذوبة وقعه، وجمال نثره ورشاقة عرضه، متعسف الديباجة متعمل الطلاوة، أفسده التصنع، وأخفى التعقيد معناه، فالنظم الذي يكون بهذه الطريقة يصير قلقًا متكلفًا، والصورة التي تتسم بهذه الصفات تكون متعسفة منحوتة، لا حياة فيها ولا روح، قد حشيت بالتزويق والتجنيس، والترصيع والمطابقة، والبديع والغموض واختلاف الترتيب واضطراب
_________
١ صاحب الوساطة بين المتنبي وخصومه المتوفى سنة ٣٩٢هـ.
٢ الوساطة بين المتنبي وخصومه: للقاضي الجرجاني ص٣١٠ وما بعدها -ط صبيح.
1 / 40