سِتُّ سَفَائِنَ [١] . فَجَمَعَ سَيْفٌ إلَى وَهْرِزَ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْ قَوْمِهِ، وَقَالَ لَهُ: رِجْلِي مَعَ رِجْلِكَ حَتَّى نَمُوتَ جَمِيعًا أَوْ نَظْفَرَ جَمِيعًا. قَالَ لَهُ وَهْرِزُ: أَنْصَفْتَ، وَخَرَجَ إلَيْهِ مَسْرُوقُ بْنُ أَبْرَهَةَ مَلِكُ الْيَمَنِ، وَجَمَعَ إلَيْهِ جُنْدَهُ. فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ وَهْرِزُ ابْنًا [٢] لَهُ، لِيُقَاتِلَهُمْ فَيَخْتَبِرَ قِتَالَهُمْ: فَقُتِلَ ابْنُ وَهْرِزَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ حَنَقًا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا تَوَاقَفَ النَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ، قَالَ وَهْرِزُ: أَرُونِي مَلِكَهُمْ، فَقَالُوا لَهُ: أَتَرَى رَجُلًا عَلَى الْفِيلِ عَاقِدًا تَاجَهُ عَلَى رَأْسِهِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا:
ذَاكَ مَلِكُهُمْ، فَقَالَ: اُتْرُكُوهُ. فَوَقَفُوا طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: عَلَامَ هُوَ؟ قَالُوا:
قَدْ تَحَوَّلَ عَلَى الْفَرَسِ، قَالَ: اُتْرُكُوهُ. فَوَقَفُوا طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: عَلَامَ هُوَ؟
قَالُوا: قَدْ تَحَوَّلَ عَلَى الْبَغْلَةِ. قَالَ وَهْرِزُ: بِنْتُ الْحِمَارِ ذَلَّ وَذَلَّ مُلْكُهُ، إنِّي سَأَرْمِيهِ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَصْحَابَهُ لَمْ يَتَحَرَّكُوا فَاثْبُتُوا حَتَّى أُوذِنَكُمْ، فَإِنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ الرَّجُلَ، وَإِنْ رَأَيْتُمْ الْقَوْمَ قَدْ اسْتَدَارُوا وَلَاثُوا [٣] بِهِ، فَقَدْ أَصَبْتُ الرَّجُلَ، فَاحْمِلُوا عَلَيْهِمْ. ثُمَّ وَتَرَ قَوْسَهُ، وَكَانَتْ فِيمَا يَزْعُمُونَ لَا يُوتِرُهَا غَيْرُهُ مِنْ شِدَّتِهَا، وَأَمَرَ بِحَاجِبَيْهِ فَعُصِّبَا لَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ، فَصَكَّ الْيَاقُوتَةَ الَّتِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَغَلْغَلَتْ [٤] النُّشَّابَةُ فِي رَأْسِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ قَفَاهُ، وَنُكِسْ عَنْ دَابَّتِهِ، وَاسْتَدَارَتْ الْحَبَشَةُ وَلَاثَتْ بِهِ، وَحَمَلَتْ عَلَيْهِمْ الْفُرْسُ، وَانْهَزَمُوا، فَقُتِلُوا وَهَرَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَأَقْبَلَ وَهْرِزُ لِيَدْخُلَ صَنْعَاءَ [٥]، حَتَّى إذَا أَتَى بَابَهَا، قَالَ: لَا تَدْخُلُ رَايَتِي مُنَكَّسَةً أَبَدًا، اهْدِمُوا الْبَابَ، فَهُدِمَ، ثُمَّ دَخَلَهَا نَاصِبًا رَايَتَهُ. فَقَالَ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيُّ: