المبحث الأول
التماثل الصوتي التام (الإدغام)
Assimilation
الإدغام عند اللغويين: "إدخال حرف في حرف" (١). وعند النحويين: "أن تصل حرفًا ساكنًا بحرف مثله متحرك من غير أن تفصل بينهما بحركة أو وقف فيصيران لِشِدَّةِ اتصالهما كحرف واحد يرتفع اللسان عنهما رَفْعَةً واحدةً شديدةً فيصير الحرف الأول كالمستهلك على حقيقة التداخل والإدغام " (٢). وهو عند ابن جني نوعان: أكبر، وأصغر. فأما الأكبر فهو ما كان الأول من الحرفين متحركًا أو ساكنًا. وأما الأصغر فهو " تقريب الحرف من الحرف، وإدناؤه منه من غير إدغام يكون هناك " (٣)، وجعل منه الإمالة، وكل ما يؤدي إلى تقريب الأصوات.
ويذكر ابن جني الدافع للإدغام فيقول: "والمعنى الجامع لهذا كله تقريب الصوت من الصوت، ألا ترى أنك في " قَطَّعَ " ونحوه قد أخفيت السَّاكنَ الأولَّ في الثاني حتى نَبَا اللسان عنهما نَبْوَةً واحدةً وزالتِ الوقفةُ التي تكون في الأولِّ لو أَدْغَمْتَهُ في الآخر، أَلا ترى أَنَّكَ لو تكلفتَ ترك إدغام الطاء الأولى لَتَجَشَّمْتَ لها وقفةً عليها تمتاز من شدة ممازجتها للثانية بها كقولك: قَطْطَعَ، سَكْكَرَ، وهذا إنما تحكمه المشافهة به، فإن أنت أزلت تلك الوقيفة والفترة على الأول خلطته بالثاني فكان قربه منه، وإدغامه فيه أشد لجذبه إليه، وإلحاقه به" (٤).
وعند القراء: "اللَّفْظُ بحرفين حرفًا كالثاني مشددًا" (٥)، وتعريف القراء يشتمل على عمليات: الحذف، والقلب، والإدغام، فاللفظ بحرفين كالثاني يقتضي ضرورة حذف الحركة عند وجودها، ثم قلب الأول من مثل الثاني، وإلا فلن يكون الصوت مشددًا.