The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University
أصول الدعوة - جامعة المدينة
Yayıncı
جامعة المدينة العالمية
Türler
إنه إذا كان عمل القلب من الأمور الباطنة وعمل الجسد من الأمور الظاهرة فإن الظاهر تابعٌ للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلي الذي كان يعبث بيديه وجوارحه: "لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه"، وهكذا، فإنه لما كانت الطاعات كلها داخلة في الإيمان لم يفرق الله ﷿ بينها وبينه في قوله سبحانه: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ (الحجرات: ٧) فأدخل في الإيمان جميع الطاعات؛ لأنه سبحانه حبب إليهم ذلك حب تدين، وكره إليهم الكفر والفسوق وسائر المعاصي كراهة تدين، ومن ذلك قوله ﷺ: «من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن» لأن الله ﷾ حبب إلى المؤمنين الحسنات وكره إليهم السيئات.
إن الأخلاق الفاضلة من نحو صدق الحديث وأداء الأمانة وبرّ الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر، وتلاوة القرآن وكذلك حبّ الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك كلها داخلة في مفهوم العبادة؛ وذلك أن العبادة هي الغاية المحبوبة لله والمرضية له كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: ٥٦)، وبها أرسل الله جميع الرسل كما قال سبحانه لنبيه محمد ﷺ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء: ٢٥) ولذلك اتفقت كلمة الأنبياء أجمعين على ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ (الأعراف: ٥٩)، والدين كله داخل في العبادة التي تتضمن غاية الذُّلّ لله بغاية المحبة
1 / 92