The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny
العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي
Yayıncı
دار الكتاب والسنة
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Yayın Yeri
باكستان
Türler
رجلًا فقال: إن وجدته حيًا فاقتله وإن أنت وجدته ميتًا فحرقه بالنار، فانطلق فوجده قد لُدغ فمات فحرقه بالنار فعند ذلك قال رسول الله، ﷺ، "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". ورواه أبو أحمد بن عدي في كتابه الكامل .. عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان حي من بني ليث من المدينة على ميلين وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يزوجوه، فأتاهم وعليه حلة فقال: إن رسول الله، ﷺ، كساني هذه الحلة وأمرني أن أحكم في أموالكم ودمائكم ثم انطلق فنزل على تلك المرأة التي كان يحبها فأرسل القوم إلى رسول الله، ﷺ، فقال كذب: عدو الله ثم أرسل رجلًا فقال: "إن وجدته حيًا -وما أراك تجده حيًا- فاضرب عنقه وإن وجدته ميتًا فحرقه بالنار" قال: فذلك قول رسول الله، ﷺ، "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". هذا إسناد صحيح على شرط الصحيح لا نعلم له علة ... وللناس في هذا الحديث قولان.
أحدهما: الأخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله، ﷺ، ومن هؤلاء من قال يكفر بذلك قاله جماعة منهم: أبو محمد الجويني حتى قال ابن عقيل عن شيخه.
أبي الفضل الهمداني: مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث أشد من الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل، فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله. والملحدون كالمحاصرين من خارج، فالدخلاء يفتحون الحصن. فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له.
ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله ولهذا قال: "إن كذبًا علي ليس ككذب على أحدكم" فإن ما أمر به الرسول، ﷺ، فقد أمر الله به يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله وما أخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به ...
ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه أو أخبر عن الله خبرًا كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنئين فإنه كافر حلال الدم، فكذلك من تعمد الكذب على رسوله.
ويبين ذلك أن الكذب بمنزل التكذيب له ولهذا جمع الله بينهما بقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ) [العنكبوت: ٦٨] بل ربما كان الكاذب عليه أعظم إثمًا من المكذب له ولهذا بدأ الله به كما أن الصادق عليه أعظم درجة من المصدق بخبره فإذا كان الكاذب مثل المكذب أو أعظم، والكاذب على الله كالمكذب
1 / 166