The Doctrinal Views of Al-Sam'ani
آراء السمعاني العقدية
Türler
آراء الإمام أبي المظفر السمعاني العقدية
من خلال كتابه "تفسير القرآن العزيز"
جمعًا ودراسة
إعداد الطالب: مازن بن محمد بن عيسى
إشراف الأستاذ الدكتور: صلاح إبراهيم عيسى
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م
رسالة علمية مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العقيدة بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بأم درمان في السودان لعام ١٤٣٨ هـ، وقد اجيزت بتقدير ممتاز.
1 / 1
أهدي هذا البحث المتواضع ..
إلى كل من له الفضل عليَّ بعد الله تعالى
إلى والديَّ الكريمين ..
أعظم القامات التي أشعرتني بالأمان والاطمئنان بعد الله تعالى ..
وأعلى الهامات التي شجعتني على البذل والعطاء ..
إلى والدي العزيز ..
أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل المبارك نورًا وضياءً لك في قبرك .. وأن ينزل عليك شآبيب الرحمات وعظيم المكرمات
إلى والدتي العزيزة الغالية ..
أمد الله تعالى في عمرك بالصحة والخير والطاعة ومتعنا بك
إلى أساتذتي ومشايخي الكرام الأفاضل ..
جزاكم الله تعالى عني وعن المسلمين خير الجزاء، وأعظم لكم المثوبة، وأجزل لكم النوال ..
الشكر لله تعالى أولا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا ..
فله الحمد والشكر حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده ..
أحمده على تمام نعمته ومنته وفضله، أبلغ حمد وأكمله، حمدًا بالغًا من التمام منتهاه ..
ثم أقدِّم خالص شكري وامتناني لكل من ساهم معي بنصح أو توجيه أو إرشاد .. حتى خرج البحث في صورته المتواضعة ..
وأخص منهم:
فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور / صلاح إبراهيم
صاحب الخلق الجم، الذي غمرني بلطفه، وسددني بغزير علمه، واتحفني بحسن توجيهاته ..
فله من الدعاء أخلصه، ومن الثناء أعطره، ومن الشكر أبلغه
وأقدِّم كذلك خالص شكري وامتناني للجامعة الموقرة:
جامعة القرآن الكريم بأم درمان، وكافة منسوبيها.
الجامعة التي فتحت آفاق العلم للراغبين، ويَسَّرت سُبله للمنهومين،
وأنارت الطريق والدرب للمتعلمين.
جعلها الله تعالى منارة للحق، وسبيل هداية للخلق
1 / 2
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شاء من شيء بعد. أهل الثناء والمجد، لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه المقدسة. له الحمد سبحانه، أنزل كتابه المبارك، " فيه الخير الكثير، والعلم الغزير، والأسرار البديعة، والمطالب الرفيعة. فكل بركة وسعادة تنال في الدنيا والآخرة، فسببها الاهتداء به واتباعه " (^١)
والصلاة والسلام على من أنزل عليه ربه الفرقان، وعلمه الحكمة والقرآن، فأنذر به عشيرته الأقربين، وحذر به الناس أجمعين، وبلغ رسالة رب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا مزيدًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإن القرآن الكريم، منهج الأمة ودستورها، ومصدر عزها وشموخها، ومنبع عقائدها وتشريعاتها. فهو المحيط الثر، والبحر الزخار، الذي تنهل منه كل الأنهار، ويُستقى من معينه الصافي كل الأفكار.
إن القرآن الكريم هو مصدر الهداية، ومنبع الرسالة، وإشعاع النور. فهو الروح الذي يسري في جسد الأمة، فيحييها بعد موتها، ويوقظها من رقدتها.
وهو مصدر الحياة الحقيقية، إذ يحرك الشعور والوجدان نحو الأمل، ويُحيي فيها حب العمل. ولما كان القرآن الكريم هو مصدر الهداية والرشاد، وجب اتباعه، والتماس هديه؛ لأن أوجه هذه الهداية لا تقف عند حد، ولا يحصرها عد.
وقد جاءت هذه الأوجه في القرآن الكريم، مطلقة غير مقيدة " فيمن يهديهم، وفيما يهديهم، فيشمل الهدى أقواما وأجيالا، بلا حدود من زمان أو مكان. ويشمل ما يهديهم إليه، كل منهج، وكل طريق، وكل خير يهتدي إليه البشر في كل زمان ومكان " (^٢).
_________
(^١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط ٢ - ١٤١٧ هـ، ص (٩).
(^٢) سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق -بيروت، القاهرة، ط ١٧ - ١٤١٢ هـ
1 / 3
ومن أعلى أوجه الهداية القرآنية، هدايته " للطريقة التي هي أقوم الطرق وأعدلها، وهي توحيده جل وعلا في ربوبيته، وفي عبادته، وفي أسمائه وصفاته " (^١)، وتوغله في دواخل النفس البشرية، وعوالم الضمير والشعور، "بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض، والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء، وتربط بين نواميس الكون الطبيعية، ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق" (^٢).
فالقرآن الكريم مصدر إشعاع ونور وهداية، يُغذي النفس البشرية، ويُشبع كل رغباتها، في جميع احتياجاتها.
فيعرفها بالإله الحق المبين، فيفتح أمامها المجال؛ لتستنطق الفطرة، وليسرح العقل في هذا الكون العجيب، متفكرًا في آيات الله تعالى، ومتأملًا في آلائه عليه؛ ليقف على بصيرة من شواهد الربوبية، ودلائل الوحدانية، الموجبة استحقاق الرب للعبودية وحده دون من سواه ويجول بالنفس في نواحي الجمال والجلال والكمال، لما انطوت عليه الذات الإلهية العلية الشريفة المقدسة، من الأسماء الحسنى، والصفات العليا.
ويفتح أمامها صفحة الماضي بكل تفاصيلها، لتشاهد أخبار الأمم السابقة، كأنها عيان أمام عينيها؛ لتتعظ وتعتبر.
ولما كانت النفس متعلقة لمعرفة ما وراء الماديات، متلهفة للكشف عن الغيبيات، جاء القرآن الكريم فهذبها، ورسم أمامها معالم الطريق الصحيح، وبين أن طريقة المؤمنين، وأول صفات المتقين، الإيمان بالغيب، وأن الغيب من خصائص علم الله تعالى، وأن مدار هذه العوالم الغيبية التي لا تدركها الحواس، ومبناها على التسليم والتصديق، والإذعان والقبول.
ولما كان القرآن الكريم بهذه المثابة العظيمة، والمنزلة الكريمة، والمكانة الجليلة، تعالت همم العلماء وتسابقت نحو هذا الكتاب العزيز؛ للوقوف على مقاصده، وبيان معانيه، واستنباط أحكامه، واستخراج مراميه.
_________
(^١) الشنقيطي: أضواء البيان، دار الفكر للطباعة -بيروت، ١٤١٥ هـ (٥٦٨)
(^٢) سيد قطب: في ظلال القرآن: ٤/ ٢٢١٥
1 / 4
ومن العلماء المجتهدين، والمفسرين المبرزين، الذين خاضوا غمار هذا الباب، وولجوا مضمار هذا الكتاب، إمام الكَلِم والمعاني، أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني، فألف كتابًا أظهر فيه المقاصد، وأبان فيه المحامد، وملأه بالجواهر والدرر، من غزير الدروس والفوائد والأحكام والعِبَر. فهو كتاب جامع لمعاني الكتاب العزيز، مُلئ إلى مُشاشه بكل نفيس عزيز.
ولما كان كتاب السمعاني في التفسير، جامعًا لفنون العلوم، وعلى رأسها علم العقيدة، انصب الاختيار عليه؛ ليكون عنوانًا لرسالة الدكتوراه. وبعد اختيار الموضوع الموسوم:
(آراء الإمام أبي المظفر السمعاني العقدية
من خلال كتابه " تفسير القرآن العزيز " جمعًا ودراسةً)
وعرضه على اللجنة المختصة بالجامعة الموقرة، تم قبول العنوان، فسألت الله تعالى التيسير والقبول والرضوان.
أولا: أهمية الموضوع:
١ - يكمن في حلُّ التعارض الموهوم الذي يعرض للذهن، والذي يظهر أول وهلة في النصوص القرآنية المتعلقة بالعقائد.
٢ - إشباع الحاجة الملحة، للباحثين عن المعرفة الصحيحة، المبنية على التحقيق والتدقيق في باب العقائد، على وفق منهج السلف.
٣ - بيان خطأ اعتماد أهل البدع والخرافات، في تبرير بدعهم على نصوص الشرع المطهر.
٤ - بيان خطأ القراءة النصية المجردة عن فهم السلف الصالح، الذي يؤدي إلى انحراف في الفهم، يتبعه انحراف في التطبيق.
٥ - التخفيف من هول المشكلات التي تظهر على الساحة بين الفينة والأخرى، بين الأفراد والجماعات، ومحاولة تقليص الهوة، وسد الباب على المغرضين، خاصة فيما يتعلق بفروع مسائل الاعتقاد التي لا يُبَدع فيها المخالف؛ لأنها تُبيِّن اتجاهات علماء السلف في التعامل مع المخالف، والتفريق بين المسائل التي تُوجب الرد والهجر من غيرها.
٦ - الذب عن علماء السلف من الاتهام المبطن، المتضمن قصور نظر السلف عن إدراك معاني آيات الصفات، وأن منهجهم قائم على التسليم للنصوص، وأن منهج الخلف مبني على الفهم والعلم، ولذا زعموا أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم.
1 / 5
٧ - عَرْضُ آراءِ السلفِ ودراستها وفق المنهج السلفي الصحيح، مؤشر خير، يُسهم في تقويض التعصب المقيت، والتقليد المذموم، ويبين أن الآراء البشرية غير معصومة، وأنها عرضة للوقوع في الخطأ، وإن كانت آراء السلف هي الأقرب للصواب، والأحكم في الجواب؛ لقربها من عهد الرسالة، وصفاء قلوبهم من حظوظ الدنيا.
٨ - دراسةُ آراءِ السلفِ دراسة محققة، سبيل لنشر علومهم، والاستفادة من غزير فهومهم، وفيه تأصيل لمعرفة دقائق علمهم، في التنظير والشرح والتقرير.
٩ - دراسةُ تراثِ السلفِ، دراسة أكاديمية علمية، هو نوع تحقيق للآراء، وتمحيص وبيان للأخطاء.
١٠ - وسم الرسالة بـ (آراء الإمام أبي المظفر السمعاني العقدية) يوحي بأمرين:
أ - بيان مكانة علماء السلف، وعلو منزلتهم، الموجب لاحترامهم وإجلالهم، ثم دراسة أقوالهم، وتقديمها على غيرهم.
ب - وأن قوله الصادر عنه، هو تعبير عن رأيه، فما وافق فيها نصوص الوحيين قُبل، وما كان مخالفا رُدَّ، وهو واقع في الغالب عن اجتهاد لا عن تقصد وتقصير، وهذا بدوره يُغلق باب التعصب المقيت، وإضفاء العصمة لقول أحد دون رسول الله ﷺ.
١١ - وأن دراسة الجذور الفكرية، والآراء العقائدية لعلماء الأمة؛ كالسمعاني مثلا، يفتح للعقل بوابة النقد الهادف، ويهديه لطرائق الحوار والجدال المقنع، المستقى من أهله وأساطينه.
١٢ - وأن دراسة آراء السلف تُقوي الصلة، وتُعمق الوشائج بين الحاضر والماضي، وفيه ربط لسلسة العلوم المتوارثة التي لا انفصال بينها، والتي لا يُغني لاحقها عن سابقها.
١٣ - وأن هذه الدراسة المستقاة من آراء السمعاني المستنبطة من وحي النصوص القرآنية، تُؤكد ترابط العلوم وتخادمها، وأن علما لا يُغني عن علم.
ثانيًا: أسباب اختيار الموضوع:
1 / 6
١ - أن سعادة البشرية معقودة على سَيْرِ عقيدتها الصحيحة، الخالية من كل ألوان البدع والأوهام والخرافات والاعتقادات الفاسدة، وأشد ما يُناقضها الآراء المخالفة التي تحارب العقائد الصحيحة، فدراسة آراء السلف وإبرازها، يُسهم في تكثير سواد الحق، وبيان المنهج العقائدي الصحيح الذي كان عليه السلف، ويَسد الباب أمام كل مخالف بقصد أو بغير قصد.
٢ - الحديث عن شأن العقائد في القرآن الكريم، يُعطي البحث قيمة علمية؛ لأنه يجمع بين أشرف العلوم وأنقاها، وبين أعظم الكلام وأرقاه، وكما قيل: إن شرف العلم بشرف المعلوم.
٣ - يفتح الباب أمام الباحثين، لمعرفة مناهج وآراء المفسرين في العقائد، ودراستها على ضوء المنهج السلفي.
٤ - وعلى حسب علمي القاصر، لم أجد من استقصى المسائل الاعتقادية من تفسير السمعاني في مؤلف خاص، وأن غالب ما كُتب إشارات من هنا وهناك، يخلص منها الباحثون إلى سلفية الإمام السمعاني، وسلامة منهجه العقائدي.
٥ - لهذا وغيره عزمت بعد استخارة الله تعالى، واستشارة أهل العلم، لخوض غمار هذا البحث، داعيا المولى جل في علاه أن يوفقني ويمدني بعونه، وأن يرزقني البصيرة التي يُميَز بها بين الحق والباطل، ويُعرف بها خير الخيرين، وشر الشرين، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، ومحبة العلم وأهله، والإنصاف من أنفسنا، وعدم الفجور في الخصومة.
ثالثًا: أهداف البحث:
يهدف البحث إلى:
١ - جمع آراء الإمام أبي المظفر السمعاني العقائدية، من خلال كتابه: تفسير القرآن العزيز، ودراستها على ضوء المنهج السلفي.
٢ - إبراز مكانة علماء السلف، وما تميزوا به من دقة العلوم وجلاء الأفهامهم، المتمثل في استنباط المعاني واستخراجها من النصوص القرآنية، التي تُنبئ عن توفيق وبراعة.
٣ - الكشف عن المسائل الاعتقادية التي اشتملت عليها الآيات القرآنية الكريمة، ودراستها، وبيان مقاصدها، ووجه الحق فيها.
٤ - استخلاص القضايا العقدية من التفاسير بأسلوب سهل ميسور.
٥ - بيان العقيدة الصحيحة المستنبطة من نصوص القرآن الكريم.
٦ - إظهار براعة المفسر في التصنيف والاستنباط.
1 / 7
٧ - إبراز مكانة الإمام أبي المظفر السمعاني، وخصائص تفسيره.
٨ - إبراز منهج الإمام السمعاني في دراسته وتعاطيه لمسائل العقيدة.
رابعًا: أسئلة البحث:
يهدف البحث للإجابة على التساؤلات التالية:
- ما مكانة الإمام السمعاني العلمية، وبخاصة في علم التفسير والعقيدة؟
- ما آراؤه العقائدية، وما مدى ملاءمتها لمنهج السلف؟
- ما الطرق التي سار عليها الإمام السمعاني في تعاطيه مع النصوص الشرعية في دراسة العقائد؟
خامسًا: حدود البحث:
ينصب الحديث أصالة عن آراء الإمام السمعاني الاعتقادية من خلال كتابه: تفسير القرآن العزيز.
سادسًا: منهج البحث:
١ - الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي الاستقرائي.
٢ - فطبيعة البحث استدعت الوصف والتوصيف التأريخي للمفسر والتفسير وما اشتملت عليه من مسائل العقائد، ثم تحليل المعلومة بعد استقرائها من كتاب تفسير السمعاني.
٣ - وبعد ذكر رأي الإمام السمعاني، أشير إلى حكم المسألة عند بقية العلماء، وهذا بدوره استدعى الرجوع إلى أمهات كتب العقائد والتنقيب عنها؛ لتوضيح مقاصد هذه الرسالة، ومقارنتها بما قاله الإمام السمعاني.
٤ - نسبة الأقوال لقائليها، والإشارة إلى مصادرها حسبما تقتضيه الأمانة العلمية.
٥ - عزو الآيات القرآنية الكريمة.
٦ - تخريج الأحاديث النبوية الشريفة تخريجا علميا.
٧ - الترجمة للأئمة غير المشهورين في البحث.
٨ - ذكر خاتمة تبرز أهم نتائج البحث والتوصيات.
٩ - ذكر المصادر والمراجع في آخر البحث.
١٠ - ترتيب الفهارس ترتيبًا علميا يسهل الحصول على المعلومة.
1 / 8
سابعًا: الدراسات السابقة:
غالب الدراسات التي اطلعت عليها، اهتمت بذكر منهج الإمام السمعاني في التفسير، وبعضها الآخر أشار إلى منحى تميز به الإمام السمعاني في تفسيره، كمنهجه في الترجيح والاستنباط.
ومع هذه الوفرة العلمية عن حياة الإمام السمعاني، إلا أني لم أحظَ أثناء بحثي عن مؤلف مستقل، عن منهج الإمام السمعاني وآرائه الإعتقادية، إلا برسالة وحيدة في بابها، بعنوان: جهود الإمام أبي المظفر السمعاني في تقرير عقيدة السلف (^١).
وقد أشار الباحث في رسالته إلى جهود الإمام السمعاني في تقرير عقيدة السلف في:
ـ توضيح التوحيد وبيانه، من جهة بيان أول ما يجب على المكلف، ثم توضيح توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.
ـ توضيح جملة من مسائل الإيمان، من جهة بيان مسمى الإيمان، وبيان أحكام أهل الكبائر، وفي مسائل القدر، ومباحث اليوم الآخر.
ـ توضيح ما يتعلق بحق الصحابة ﵃، من جهة بيان وجوب محبة الصحابة ﵃، ووجوب السكوت عما شجر بينهم، وذكر جملة من فضائلهم ﵃.
وهذه الرسالة بينها وبين هذا البحث، مزاوجة في الأفكار، وتوارد في النتائج والآثار، غير أن المسار المتبع في الرسالتين مختلف، وإن كان محصل الرسالتين في الأخير مؤتلف. فالرسالة الأولى قامت على بيان جهود الإمام السمعاني في تقرير عقيدة السلف، على المستوى العام، مع أن النتيجة التي توصل إليها الباحث مسوقة في عنوان البحث. في حين أن هذا البحث، فيه عرض لآراء الإمام السمعاني العقدية، من خلال كتابه تفسير القرآن، وربطها ببعض أقواله في كتبه الأخرى، ثم دراستها دراسة متأنية على ضوء المنهج السلفي، ثم الخروج بنتيجة كلية، ومقارنتها بما قيل فيه من مدح وثناء وتبجيل وتعظيم؛ كونه كان نقي المعتقد، منتصرا لأهل السنة والحديث، وشوكة في حلوق أهل البدع.
_________
(^١) وهي رسالة علمية قدمت لنيل درجة الماجستير تقدم بها الباحث محمد بن بو بكر بن عمر بنعلي، من تونس، للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ونوقشت بتاريخ ١٤/ ١/١٤١٤ هـ، وأجيزت بتقدير ممتاز، وقد أشرف عليها د. غالب العواجي، وهي مطبوعة في مجلدين، في (٧٢٤) صفحة.
1 / 9
ويُشار إلى أن هناك مسائل كثيرة ظهرت من خلال تتبع آراء السمعاني في تفسيره، تُعدُ تأصيلا لمسائل المعتقد، وردا على المخالفين، لم يُشر إليها الباحث، ستظهر في ثنايا هذا البحث.
ثامنًا: هيكل البحث:
قسمت البحث إلى مقدمة، وسبعة فصول، وخاتمة، وفهارس:
المقدمة: اشتملت على: (أهمية الموضوع - وأسباب اختيار الموضوع - وأهداف البحث - وأسئلة البحث - وحدود البحث - ومنهج البحث - والدراسات السابقة - وهيكل البحث).
التمهيد: اشتمل على ترجمة للإمام السمعاني: عصره، وحياته، وتفسيره، ومنهجه في دراسة مسائل العقيدة.
المبحث الأول: عصره:
المطلب الأول: الحالة السياسية.
المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية.
المطلب الثالث: الحالة العلمية والدينية.
المبحث الثاني: حياته:
المطلب الأول: اسمه ونسبه ونشأته.
المطلب الثاني: طلبه للعلم ومكانته العلمية.
المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه.
المطلب الرابع: آثاره ومؤلفاته.
المطلب الخامس: وفاته.
المبحث الثالث: تفسيره:
المطلب الأول: نسبة التفسير لمؤلفه، ومكانته العلمية.
المطلب الثاني: مميزات تفسيره.
المطلب الثالث: المآخذ على تفسيره.
المطلب الرابع: منهجه في التفسير.
المبحث الرابع: منهجه في دراسة مسائل العقيدة.
المطلب الأول: المنهج العام في دراسة مسائل العقيدة.
المطلب الثاني: منهجه الاستدلالي لمسائل العقيدة.
الفصل الأول: الإيمان بالله تعالى:
المبحث الأول: توحيد الربوبية:
المطلب الأول: تعريف الربوبية:
المسألة الأولى: تعريف الربوبية في اللغة.
المسألة الثانية: تعريف الربوبية في الاصطلاح.
المطلب الثاني: معرفة الله جل وعلا، ودلائل وجوده ووحدانيته:
المسألة الأولى: معرفة الله تعالى:
- أول واجب على المكلف.
- فطرية المعرفة.
- وجود الله تعالى.
المطلب الثالث: إقرار المشركين بالربوبية:
المسألة الأولى: الاستدلال بتوحيد الربوبية على الألوهية.
المسألة الثانية: حكم الإقرار به مجردا؟
المطلب الرابع: مدعو الربوبية:
المسألة الأولى: حقيقة مدعي الربوبية.
المسألة الثانية: أقوال الناس في الرب جل وعلا:
1 / 10
- قول اليهود.
- قول النصارى.
- قول المشركين.
المطلب الخامس: مسائل في الربوبية:
المسألة الأولى: خضوع الجمادات لله تعالى.
المسألة الثانية: تأويل قوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله).
المسألة الثالثة: تأويل قوله تعالى: (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث).
المسألة الرابعة: تأويل قوله تعالى: (ولله ميراث السموات والأرض).
المسألة الخامسة: هل المنع والإعطاء لحكمة أم لا؟
المسألة السادسة: تأويل قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيها الثقلان).
المبحث الثاني: توحيد الألوهية:
المطلب الأول: تعريف توحيد الألوهية:
المسألة الأولى: تعريف الألوهية في اللغة.
المسألة الثانية: تعريف الألوهية في الاصطلاح.
المطلب الثاني: تعريف العبادة، وأنواعها:
المسألة الأولى: تعريف العبادة في اللغة والاصطلاح.
المسألة الثانية: أنواع العبادة وتفاضلها:
١ - بعض أنواع العبادات: (الدعاء - السجود والركوع - الذكر).
٢ - التفاضل في العبادات:
- المفاضلة بين الذكر وسائر الطاعات.
- المفاضلة بين العلم وصلاة النافلة.
- المفاضلة بين إخفاء الصدقات وإظهارها.
- المفاضلة بين الطواف والصلاة لمن قدم مكة.
المطلب الثالث: أدلة إثبات استحقاق الألوهية لله تعالى.
المطلب الرابع: نواقض توحيد الإلهية:
المسألة الأولى: نواقض توحيد الإلهية:
- الشرك بالله تعالى.
- اتباع الهوى.
- الغلو في الدين.
- موالاة الكفار والركون إليهم.
- اتباع الآباء وما كانوا عليه.
المسألة الثانية: حقيقة الشرك وصوره وأنوعه:
- بيان حقيقة الشرك.
- خطورة الشرك.
- بعض صور الشرك: (السحر - الكهانة - الطيرة - التنجيم).
المطلب الخامس: مسائل في توحيد الإلهية:
المسألة الأولى: قصة الغرانيق العُلا.
المسألة الثانية: توجيه قوله تعالى لنبيه ﷺ: (لئن أشركت ليحبطن عملك).
المسألة الثالثة: تحقيق القول في وقوع الشرك من آدم ﵇.
المسألة الرابعة: توجيه قوله تعالى عن نبيه إبراهيم ﵇: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام).
المبحث الثالث: توحيد الأسماء والصفات.
1 / 11
المطلب الأول: تعريف توحيد الأسماء والصفات:
المسألة الأولى: تعريف توحيد الأسماء والصفات.
المسألة الثانية: مسألة الاسم والمسمى.
المطلب الثاني: منهج السلف في باب الأسماء والصفات.
المطلب الثالث: معاني أسماء الله تعالى وصفاته، ومقتضياتها.
المطلب الرابع: بعض الصفات الواردة في القرآن الكريم.
المطلب الخامس: مسائل في الأسماء والصفات:
- معنى الكيد من الله تعالى؟
- معنى المكر من الله تعالى؟
- معنى قوله تعالى: (يخادعون الله وهو خادعهم)؟
- معنى السخرية من الله تعالى؟
- معنى قوله تعالى: (قاتلهم الله)؟
- معنى قوله تعالى: (نسوا الله فنسيهم)؟
- معنى نصرة الله تعالى؟
- معنى حسرة الله تعالى على العباد؟
- معنى أذية الرب تعالى؟
- معنى قوله تعالى: (إن ربي على صراط مستقيم)؟
- معنى الإقراض من الله تعالى؟
- معنى الاستهزاء من الله تعالى؟
- معنى الرمي من الله تعالى؟
- معنى قوله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي)؟
- معنى الجد لله تعالى؟
- معنى الذكر من الله تعالى؟
- معنى الصلاة من الله تعالى؟
- معنى الإمهال من الله تعالى؟
- معنى المدافعة من الله تعالى؟
الفصل الثاني: الإيمان بالملائكة.
المبحث الأول: تعريف الملائكة، وأسماؤهم:
المطلب الأول: تعريف الملائكة.
المطلب الثاني: أسماء الملائكة وأعمالهم.
المبحث الثاني: أعمال الملائكة وصفاتهم.
المبحث الثالث: مسائل في الملائكة:
المطلب الأول: التفضيل بين الملائكة والبشر.
المطلب الثاني: هل الملائكة يموتون أم لا؟!
المطلب الثالث: الاختلاف في الرعد والبرق.
المبحث الرابع: الإيمان بالجن والشياطين.
المطلب الأول: تعريف الجن والشياطين.
المطلب الثاني: أعمال الشياطين، وأحوالهم، وصفاتهم.
المطلب الثالث: أعمال الجن، وأحوالهم، وصفاتهم.
المطلب الرابع: مسائل في عالم الجن والشياطين:
المسألة الأولى: هل إبليس من الملائكة؟
المسألة الثانية: هل من الجن رسل؟
المسألة الثالثة: هل الجن يدخلون الجنة، ويُثابون على أعمالهم؟
المسألة الرابعة: هل يمكن أن يطأ الجني الإنسية؟
الفصل الثالث: الإيمان بالكتب:
1 / 12
المبحث الأول: التعريف بالقرآن الكريم، والكتب المنزلة:
المطلب الأول: القرآن الكريم.
المطلب الثاني: التوراة، والإنجيل، والزبور.
المبحث الثاني: صفات القرآن الكريم.
المبحث الثالث: إعجاز القرآن الكريم.
المبحث الرابع: مسائل في القرآن الكريم:
المطلب الأول: وصف القرآن الكريم بأنه محكم ومتشابه.
المطلب الثاني: القرآن منزل غير مخلوق.
المطلب الثالث: التفاضل في كلام الله تعالى.
الفصل الرابع: الإيمان بالرسل ﵈:
المبحث الأول: تعريف النبي والرسول، والفرق بينهما.
المطلب الأول: تعريف النبي والرسول:
المسألة الأولى: تعريف النبي.
المسألة الثانية: تعريف الرسول.
المطلب الثاني: الفرق بين النبي والرسول.
المبحث الثاني: أسماء الأنبياء الواردة في القرآن الكريم.
المبحث الثالث: خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
المطلب الأول: الخصائص والصفات المشتركة بينهم.
المطلب الثاني: الوحي.
المطلب الثالث: العصمة.
المطلب الرابع: المعجزات.
المطلب الخامس: الإيمان بالنبي محمد ﷺ:
المسألة الأولى: اسمه ونسبه.
المسألة الثانية: خصائصه.
المسألة الثالثة: حكم تنقصه وأذيته؟
الفصل الخامس: الإيمان باليوم الآخر:
المبحث الأول: التعريف باليوم الآخر، وأشراط الساعة:
المطلب الأول: التعريف باليوم الآخر.
المطلب الثاني: أشراط الساعة.
المبحث الثاني: الموت وحقيقته.
المبحث الثالث: أحكام البرزخ.
المبحث الرابع: البعث بعد الموت.
المبحث الخامس: أحداث الآخرة وأحوالها.
الفصل السادس: الإيمان بالقدر:
المبحث الأول: مراتب القضاء والقدر.
المبحث الثاني: الرد على القدرية.
المبحث الثالث: مسائل في القدر.
المطلب الأول: هل كان الحسن البصري قدريًا؟!
المطلب الثاني: هل يجب على الله شيء؟!
المطلب الثالث: معنى اللطف الإلهي، وهل يتناهى أم لا؟!
المطلب الرابع: هل الاستطاعة تكون قبل الفعل أو معه؟!
المطلب الخامس: معنى الختم والطبع.
المطلب السادس: هل المعدوم شيء؟!
المطلب السابع: المحو والإثبات.
المطلب الثامن: هل المقتول ميت بأجله أم لا؟!
1 / 13
المطلب التاسع: حكم إيلام الأطفال دون ذنب؟!
المطلب العاشر: التحسين والتقبيح العقليين.
الفصل السابع: متممات العقيدة:
المبحث الأول: مسائل الإيمان والكفر.
المطلب الأول: تعريف الإيمان:
المسألة الأولى: تعريف الإيمان في اللغة.
المسألة الثانية: تعريف الإيمان في الشرع.
المسألة الثالثة: هل الإيمان هو الإسلام، أم بينهما اختلاف؟
المطلب الثاني: تعريف الكفر:
المسألة الأولى: تعريف الكفر في اللغة.
المسألة الثانية: تعريف الكفر في الشرع.
المسألة الثالثة: ما يندرج تحت مسمى الكفر.
المبحث الثاني: الكبائر.
المطلب الأول: تعريف الكبائر.
المطلب الثاني: حكم مرتكب الكبيرة؟
المطلب الثالث: هل للقاتل توبة؟!
المبحث الثالث: الديانات، وفضيلة الإسلام، وأمة الإسلام.
المطلب الأول: التعريف بالديانات:
المسألة الأولى: التعريف بالإسلام.
المسألة الثانية: التعريف باليهودية والنصرانية.
المطلب الثاني: فضل الإسلام.
المطلب الثالث: فضل أمة الإسلام.
المبحث الرابع: الصحابة، فضلهم، ومنزلتهم، ومكانتهم.
المطلب الأول: حقيقة مسمى الصحبة.
المطلب الثاني: فضائل الصحابة ﵃.
المطلب الثالث: حكم تنقص الصحابة ﵃.
المطلب الرابع: الموقف من الفتنة التي جرت بين الصحابة ﵃.
المطلب الخامس: التفاضل بين الصحابة، وإثبات خلافة الأئمة الأربعة الراشدين.
1 / 14
تاسعًا: الخاتمة:
وفيها أهم نتائج البحث والتوصيات.
عاشرًا: الفهارس: وتشمل:
- فهرس الآيات القرآنية.
- فهرس الأحاديث النبوية.
- فهرس الأعلام المترجم لهم.
- فهرس المصادر والمراجع.
- فهرس الموضوعات.
1 / 15
تمهيد: التعريف بالإمام السمعاني
المبحث الأول: عصره
المطلب الأول: الحالة السياسية
المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية
المطلب الثالث: الحالة الدينية والعلمية
المبحث الثاني: حياته
المطلب الأول: اسمه ونسبه ونشأته
المطلب الثاني: طلبه للعلم ومكانته العلمية
المطلب الثالث: شيوخ وتلاميذه
المطلب الرابع: آثاره ومؤلفاته
المطلب الخامس: وفاته
المبحث الثالث: تفسير أبي المظفر السمعاني
المطلب الأول: نسبة التفسير لمؤلفه ومكانته العلمية
المطلب الثاني: ميزات تفسير الإمام السمعاني
المطلب الثالث: المآخذ على تفسيرالإمام السمعاني
المطلب الرابع: منهج الإمام السمعاني في تفسييره
1 / 16
التمهيد: الإمام السمعاني: عصره، وحياته، وتفسيره:
المبحث الأول: عصره:
المطلب الأول: الحالة السياسية:
لكل زمان ظروفه الخاصة التي تنشأ فيه، فتؤثر على سيِره وسيرته، سلبًا وإيجابًا. ففي القرن الخامس الهجري ساءت أحوال العالم الإسلامي، واضطربت أموره شرقًا وغربًا، فقامت دويلات وسقطت أخرى، وتمالأ أعداء الأمة عليها، وصوبوا سهامهم نحوها، فنتج عن ذلك: تفرق، وتشرذم، وسقوط، وانهيار. والناظر في تأريخ الأمم، يلحظ أن الضعف إنما ينشأ من صعود أرباب الغدر والخيانة، وتبوئهم مناصب كبيرة في الدولة، والتأريخ المسطور المشؤوم لابن العلقمي (^١)،
_________
(^١) ابن العلقمي: مشؤوم الطلعة، الوزير، المبير، مؤيد الدين - (بل مدمر الدين) - محمد بن محمد بن أبي طالب، البغدادي، الشيعي الرافضي، وزير المستعصم بالله. ولِي وزارة العراق أربع عشرة سنة. وكان ذا حقد على أهل السنة، بل مُلِئ قلبه غيظا وحنقا على الإسلام وأهله، فأخذ يُكاتب التتار على المجيء، وقرر معهم لنفسه أمورا انعكست عليه، وندم حين لا ينفع الندم.
انظر: الذهبي: العبر في خبر من غبر: دار الكتب العلمية، بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٣/ ٢٨٤) - الذهبي: تأريخ الإسلام: دار الكتاب العربي، بيروت، ط ٢ - ١٤١٣ هـ، (٤٨/ ٢٩٠) - العصامي: سمط النجوم العوالي: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١ - ١٤١٩ هـ (٣/ ٥١٦).
يقول ابن الوردي في تأريخه، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١ - ١٤١٧ هـ (٢/ ١٩٠): " أراد ابن العلقمي نصرة الشيعة، فنصر عليهم، وحاول الدفع عنهم فدفع إليهم، وسعى ولكن في فسادهم، وعاضد ولكن على سبي حريمهم وأولادهم، وجاء بجيوش سلبت عنه النعمة، ونكبت الإمام والأمة، وسفكت دماء الشيعة والسنة، وخلدت عليه العار واللعنة ".
وكانت يده الخائنة التي امتدت لهولاكو يد الكفر والفجور، أبشع يد خائنة مُدت على تأريخ بغداد، يقول ابن كثير:" ... دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع، الذي لم يُؤرخ أبشع منه منذ بُنيت بغداد، وإلى هذه الأوقات " البداية والنهاية: دار إحياء التراث، ط ١ - ١٤١٨ هـ (١٣/ ٢٣٤). قلتُ: وما أشبه اليوم بالبارحة. وقال الصفدي: " فحصل عنده من الضغن، ما أوجب له أنه سعى في دمار الإسلام، وخراب بغداد " الوافي بالوفيات: دار إحياء التراث، بيروت، ١٤٢٠ هـ (١/ ١٥١).
ولد سنة ٥٩١ هـ، وهلك في أوائل سنة ٦٥٧ هـ، وعاش ٦٦ سنة. انظر: الصفدي: الوافي بالوفيات: (١/ ١٥١)، العودة: كيف دخل التتر بلاد المسلمين، دار طيبة، ط ٣ - ١٤٢٢ هـ (٥٣).
1 / 17
الذي كان سببا في انهيار الدولة العباسية، أكبر دليل على ذلك.
ومن مظاهر الضعف في العالم الإسلامي:
١ - ظهور الرفض وشيوعه، يقول الإمام الذهبي وهو يشير إلى أحداث سنة إحدى وخمسين وأربعمائة: " والرفض عالٍ في الشام، ومصر، وبعض المغرب، فلله الأمر " (^١). ويشير الإمام ابن كثير في تأريخه إلى حدوث الفتن المستمرة، والقتال المحتدم بين السنة والرافضة، فيقول حاكيا ما وقع من أحداث سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة: " وفيها كانت فتن عظيمة بين الروافض والسنة، ورفعوا المصاحف، وجرت حروب طويلة، وقُتل خلق كثير ... " (^٢).
٢ - نشوء التفرق في المغرب، بسقوط الدولة الأموية، وتمزق الدولة العامرية في الأندلس (^٣)، ولا أدل على ذلك، من حصول الاضطراب داخل أروقة قصر الرئاسة في ذلك الزمن، إذ اختفت فيه مراسم الاحتفال بالبيعة الخاصة للخليفة، واستعيض عنها إما بالصفق على يد الخليفة داخل مقره، أو على سطح مقر رئاسته. وكانت هذه الاضطرابات مستمرة من عام ٣٩٩ هـ إلى عام ٤٢٢ هـ، فيما كان يُعرف حينها بعصر الفتنة (^٤).
ومع هذا الضعف، فقد هيأ الله تعالى للمسلمين في ذلك الزمن، من يلم شعثهم، ويوحد صفهم، ويجمع كلمتهم:
_________
(^١) الذهبي: تأريخ الإسلام: (٣٠/ ١٩٧)
(^٢) ابن كثير: البداية والنهاية: (١٦/ ١١٣)
(^٣) يقول الأستاذ عبد الشافي عبد اللطيف في كتابه: السيرة النبوية والتأريخ الإسلامي، دار السلام - القاهرة، ط ١ - ١٤٢٨ هـ (١/ ٣٤٧): "وبوفاة الحكم المستنصر سنة ٣٣٦ هـ، يمكن القول: إن الدولة الأموية قد انتهت فعلا في الأندلس، فاستبد بالأمر المنصور بن أبي عامر، وأصبح الحاكم المطلق هو وأولاده من بعده لمدة ثلث قرن، وقد أطلق المؤرخون على الأندلس في تلك الفترة وصف الدولة العامرية نسبة إليهم ".
(^٤) ينظر: سالم الخلف: نظم حكم الأمويين، الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ط ١،١٤٢٤ هـ (١/ ١٣٩).
1 / 18
- ففي الأندلس، قام العلماء بعد سقوط الدولة العامرية، وتفرقها إلى طوائف، بالدعوة إلى الوحدة؛ إدراكا منهم للخطر الذي يتهدد المسلمين من النصارى، فاستجاب لطلبهم المعتمد بن عباد، الذي كان يملك أكثر البلاد الإسلامية الأندلسية، واجتمع أمرهم بالاستنجاد بدولة المرابطين في المغرب، فكان ما كان من أمر الله جل وعلا، من انتصار المسلمين على النصارى في معركة الزلاقة الشهيرة (^١).
- وفي المشرق، نصر الله تعالى الإسلام وأهله، بالسلاجقة الذين دحروا زُمَر الكفر وأهله.
_________
(^١) ينظر: جميل المصري: الزلاقة، الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، السنة ١٨، العددان: ٦٩ - ٧٠، محرم، جمادى الآخرة (١/ ١٧٨).
1 / 19
وأما إقليم المشرق (^١)، الذي كان يُنسب إليه الإمام السمعاني، وخاصته مرو الشاهِجَان (^٢) من مدن خراسان (^٣) الكبرى. فقد تعاقب عليها وما جاورها في القرن الخامس الهجري ثلاث دول: البويهية، والغزنوية، والسلجوقية.
_________
(^١) إقليم المشرق ينقسم إلى ثلاثة أقاليم: خراسان، وسجستان، وما وراء النهر. ينظر: البشاري: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، مكتبة مدبولي - القاهرة، ط ٣ - ١٩٩١ م، (٢٦٠).
(^٢) مرو الشاهجان: هي مرو العظمى، أشهر مدن خراسان وقصبتها، ومعنى مرو: مرج، والشاه: الملك، والجان: الروح، وكأنه يُقال: مرج نفس الملك. وإنما قيل لها مرو؛ لتتميز عن مرو الروذ، ولأنه لم يكن بها بناء. ينظر: ابن الجوزي: المنتظم في تأريخ الأمم والملوك، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ - ١٤١٢ هـ (٤/ ٢١٩)، ابن الفقيه: البلدان، عالم الكتب ٠ بيروت، ط ١ - ١٤١٦ هـ (١/ ١٣٦).
(^٣) خراسان: كلمة فارسية معناها: بلاد الشمس المشرقة، والعرب إذا ذكرت المشرق كله قالوا: فارس، فخراسان من فارس. وهي بلاد واسعة، أول حدودها لما يلي العراق، وآخر حدودها لما يلي الهند. وتشتمل على أمهات من البلاد منها: نيسابور، وهراة، ومرو، وبلخ. وهي من أحسن أرض الله، وأعمرها، وأكثرها خيرا، وأهلها أحسن الناس صورة، وأكملهم عقلا، وأقومهم طبعا، وأكثرهم رغبة في الدين والعلم. ينظر: القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٣٦١)، البكري: معجم ما استعجم من البلاد والمواضع، عالم الكتب - بيروت، ط ٣ - ١٤٠٣ هـ (٢/ ٤٩٠)، الحموي: معجم البلدان، دار صادر - بيروت، ط ٢ - ١٩٩٥ م، (٢/ ٣٥٠).
1 / 20